ليلة سقوط تل الزعتر
( في عيون طفلة )
بقلمي/تغريد الحاج
الجزء الأول ...
--------------------
ليلة غاب عنها الحق واختفت آدمية البشر، ليلة غُسلِتّ بالدموع والدماء وصار كل شيء فيها بلون الدم حتى الدموع باتت بلون شقائق النعمان والكل يصرخ الله اكبر، وآدمية البشر تلاشت وكشر الوحش عن انيابه مفترسا كل من يصادفه، وتبعثرت الجثث، في كل زوايا المخيم ....
وفدائي يأبى الخنوع ويأبى الاستسلام، يسلك وعورة طرق لم يعهدها من قبل وفي كل الاتجاهات سائرا بحثا عن بصيص أمل بالنجاة !!! فدائي رفض الواقع وصرخ ان الزعتر لن يموت وسيبقى اخضرا كاحد الوان علم فلسطين .....
------------------------
هذا اليوم اذكره جيدا وكانه الامس القريب فمازالت الصور حاضرة، اذكر أننا خرجنا من الملجأ في الظلام الحالك في هذه الليلة، وكنا نسير وكاننا الاموات المبعثون من قبور الموت، منهكي القوى بعد حصار مطبق قاتل، قاصدين منزل إحد الأصدقاء اللبنانيين في الدكوانة على أمل أن تنتهي المعركة ونعود إلى بيوتنا ...
وفي جنح هذه الليلة وصلنا ومكثنا تلك الليلة وكانت وكانها ليلة ترقب المجهول، وفي الصباح الباكر لهذا اليوم المشؤوم استيقظنا فجرا على طرق الباب بطريقة همجية، أيقنا حينها أن الانعزاليين وصلوا للمنزل الذي بتنا ليلتنا فيه نحن ووالدتي واهل والدتي، وكنا لا نعلم شيء عن والدي حتى تلك اللحظة، ولم يجرؤ الجبناء ان يدخلوا البيت ...
رغم انهم كانوا مدججين بالسلاح، وقفوا على اعتابه ينادون علينا بالخروج، وفي لحظة تذكرنا ان هوية والدي العسكرية واوراقة التبوثية جميعها كانت بحوزتنا، ولابد من التخلص منهم قبل أن تقع في ايديهم، قصدنا احدى الغرف في المنزل وكان بها نافذة تطل على طريق خلفي للبيت قمنا بتمزيق كل اوراق والدي والقيناها خارجا، هم يصرخون ويطالبوننا بالخروج فورا والا سيطلقون النار على كل من في الداخل، خرجنا، واوقفونا عدة صفوف تحت لهيب شمس آب الحارقة وأخذوا يعتدون علينا بالضرب والركل ببنادقهم ويشتمونا بأبشع الألفاظ النابية، وقاموا و أخذوا أخي محمد ولم يكن عمره حينها تجاوز الخمسة سنوات، وهم يسألون والدتي كيف تريدين ان نقتله لك، وهم يرسمون الصليب على صدره بالسلاح، ويعاودون السؤال كيف تريدين تفجير راس هذا الفلسطيني !!!!!
في هذه اليوم المشؤوم لم يكن القتل على الهوية فقط ولا على بطاقة الاعاشة، بل وصل الإجرام ان يكون القتل على اللهجة الفلسطينية، كانت تغيظهم تلك اللهجة، فكم كانت اشرف اللهجات كريهة لهم، وكم من شهيد وشهيدة سقطوا وهم ينطقوها ....
عرفوك فلسطيني من كلمة بَنْدوره وبدأوا بسؤالنا، وجاء الاختبار ان ننطقها فردا فردا وكان من حسن حظنا اننا نتقنها باللهجة اللبنانية حيث ان جدتي لبنانية وكنا نتكلم اللبناني باتقان، فان قلت ( بَندوره) بلهجتنا عليكَ السلام ولروحكَ السلام وان قلتها باللهجة اللبنانيه ( بَنَدووره ) فقد تشفع لك، حاسبونا واغتالَونا ما بين حاجز وحاجز على اشرف اللهجات، يا لحقدهم ويا لحقارتهم !!!!!
وللجريمة بقية ......
( في عيون طفلة )
بقلمي/تغريد الحاج
الجزء الأول ...
--------------------
ليلة غاب عنها الحق واختفت آدمية البشر، ليلة غُسلِتّ بالدموع والدماء وصار كل شيء فيها بلون الدم حتى الدموع باتت بلون شقائق النعمان والكل يصرخ الله اكبر، وآدمية البشر تلاشت وكشر الوحش عن انيابه مفترسا كل من يصادفه، وتبعثرت الجثث، في كل زوايا المخيم ....
وفدائي يأبى الخنوع ويأبى الاستسلام، يسلك وعورة طرق لم يعهدها من قبل وفي كل الاتجاهات سائرا بحثا عن بصيص أمل بالنجاة !!! فدائي رفض الواقع وصرخ ان الزعتر لن يموت وسيبقى اخضرا كاحد الوان علم فلسطين .....
------------------------
هذا اليوم اذكره جيدا وكانه الامس القريب فمازالت الصور حاضرة، اذكر أننا خرجنا من الملجأ في الظلام الحالك في هذه الليلة، وكنا نسير وكاننا الاموات المبعثون من قبور الموت، منهكي القوى بعد حصار مطبق قاتل، قاصدين منزل إحد الأصدقاء اللبنانيين في الدكوانة على أمل أن تنتهي المعركة ونعود إلى بيوتنا ...
وفي جنح هذه الليلة وصلنا ومكثنا تلك الليلة وكانت وكانها ليلة ترقب المجهول، وفي الصباح الباكر لهذا اليوم المشؤوم استيقظنا فجرا على طرق الباب بطريقة همجية، أيقنا حينها أن الانعزاليين وصلوا للمنزل الذي بتنا ليلتنا فيه نحن ووالدتي واهل والدتي، وكنا لا نعلم شيء عن والدي حتى تلك اللحظة، ولم يجرؤ الجبناء ان يدخلوا البيت ...
رغم انهم كانوا مدججين بالسلاح، وقفوا على اعتابه ينادون علينا بالخروج، وفي لحظة تذكرنا ان هوية والدي العسكرية واوراقة التبوثية جميعها كانت بحوزتنا، ولابد من التخلص منهم قبل أن تقع في ايديهم، قصدنا احدى الغرف في المنزل وكان بها نافذة تطل على طريق خلفي للبيت قمنا بتمزيق كل اوراق والدي والقيناها خارجا، هم يصرخون ويطالبوننا بالخروج فورا والا سيطلقون النار على كل من في الداخل، خرجنا، واوقفونا عدة صفوف تحت لهيب شمس آب الحارقة وأخذوا يعتدون علينا بالضرب والركل ببنادقهم ويشتمونا بأبشع الألفاظ النابية، وقاموا و أخذوا أخي محمد ولم يكن عمره حينها تجاوز الخمسة سنوات، وهم يسألون والدتي كيف تريدين ان نقتله لك، وهم يرسمون الصليب على صدره بالسلاح، ويعاودون السؤال كيف تريدين تفجير راس هذا الفلسطيني !!!!!
في هذه اليوم المشؤوم لم يكن القتل على الهوية فقط ولا على بطاقة الاعاشة، بل وصل الإجرام ان يكون القتل على اللهجة الفلسطينية، كانت تغيظهم تلك اللهجة، فكم كانت اشرف اللهجات كريهة لهم، وكم من شهيد وشهيدة سقطوا وهم ينطقوها ....
عرفوك فلسطيني من كلمة بَنْدوره وبدأوا بسؤالنا، وجاء الاختبار ان ننطقها فردا فردا وكان من حسن حظنا اننا نتقنها باللهجة اللبنانية حيث ان جدتي لبنانية وكنا نتكلم اللبناني باتقان، فان قلت ( بَندوره) بلهجتنا عليكَ السلام ولروحكَ السلام وان قلتها باللهجة اللبنانيه ( بَنَدووره ) فقد تشفع لك، حاسبونا واغتالَونا ما بين حاجز وحاجز على اشرف اللهجات، يا لحقدهم ويا لحقارتهم !!!!!
وللجريمة بقية ......

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق