الأحد، 25 أغسطس 2019

حديثُ الصُّورةِ .... الشاعر والكاتب محمد عبد القادر زعرورة ...

حديثُ الصُّورةِ  ....
الشاعر والكاتب ......
 محمد عبد القادر زعرورة .....

       فتاةٌ كَزمبَقَةٍ نَمَت على يُنبوعٍ أو في عينِ ماءٍ نَقِيٍّ
       ملامِحُها تُوحي بِرَبيعٍ دائمٍ أزهارُهُ يانِعَةٌ
      تَبعَثُ شَذاها في كُلِّ اتِّجاهٍ
      وَتُرسِلُ أريجَها إلى كُلِّ ناحِيَةٍ بِكُلَّ سَخاءٍ
      عِطرُها عَبِقُ يَشِدُّ مَن بِهَ شَوقٌ إلى الحَياةِ
     عَيناها كَالشَّهدِ أو شَهدٌ جَمَعتهُ نَحلاتٌ نَشيطاتٌ
     مِن أزهارَ ذَيَّاكَ الرَّبيعِ الزَّاهي وَتَجَمَّعَت حَولَها الفَراشاتُ
     راقِصاتٌ فَرَحاً بأزهارِ ذَيَّاكَ الرَّبيعِ النَّدِيِّ
     شَعرها كَشُعاعِ الشَّمسِ تُسدِلُهُ على الكَتِفَينِ
     كَشَلَّالٍ مِنَ التِّبرَ يَسقُطُ مِن عَلٍ
     على سَهلٍ وَروضٍ فائِقِ الجَمالِ والإبداعِ
      فَتاةٌ بَراءتُها تَبدو كَحورِيَّةٍ هَبَطَت مِنَ السَّماءِ بِكُلَّ رِقَّتِها
      أو كَملاكّ ساقَهُ اللَّهُ إلى النَّاسِ ليَعرفوا مَعنىَ الجَمالِ وَيُقَدِّروهُ
      فَتاةٌ جَمعَت أصنافَ الجَمالِ وَالحُسنِ بِأجمَلِ صُوَرِهَ وَمعانيهِ
      جَارَ الزَّمانُ علىَ الشَّمسِ فانطَفأت وانشَقَّ القَمَرُ
      وَانتشَرَت غُيومٌ دُكنٌ في السَّماءِ فَغابَ الضَوءُ قَهراً
      وَخَبَتِ النُّجومُ واندَثَرَت
      وانتَشَرَ الظَّلامُ وَهَطَلَت أمطارُ السَّمومِ مُغرِقَةٌ كُلَّ الجَمالِ
      وَهَبَّتِ الرِّيحُ وَالعَواصِفُ والأعاصيرُ فَانتَشَرَ الدَّمارُ والهَلاكُ
      سادَ الظَّلامُ وَسادَ الظُّلمُ وَالفَقرُ والمَوتُ وَالفَناءُ
      فَأصبَحَ الجَمالُ مَيتَاً
      جَفَّتِ الأرضُ وَتَشَقَّقَت وَماتَ الرَّبيعُ وماتَت أزهارُهُ
       وَغابت رائِحَةُ العُطورِ عن سَهلِ الحَياةِ
       ماتَ النَّحلُ والفَراشاتُ بِمَوتِ الزُّهورِ
       وانقَطَعَ الشَّهدُ وَفُقِدَ العَسَلُ وَكُلُّ شَيئٍ جَميلٍ
        جَفَّتِ العُيونُ وَاليَنابيعُ وَماتَت الأنهارُ
        كُلُّ شيئٍ يَرفِدُ الجَمالَ بالجَمالِ ماتَ بِسَبَبِ الظُّلمِ والظَّلامِ
        فأصبَحَ وَجهُ الفتَاةِ كَأنَّهُ خَرَجَ مِن مَحرَقَةٍ على التَّوِّ
        ماتَ فيهِ الجَمالُ وَانصَرَفَت عَنهُ النَّضارَةُ
       ماتَت فيهِ الشَّمسُ وانطَفَأَ ضَوءُ القَمَرِ
       وأصبَحَ الوَجهُ الجَميلُ كَجِلدِ شاةٍ تَرَدَّت مِن عَلٍ
        أو نَطيحَةٍ فارَقَت الحَياةَ
        عَيناها غائِرَتانِ كَكَهفٍ في بَطنِ وادٍ
        أو كَفُوَّهَةِ بُركانٍ تَقدَحانِ الشَّرَرَ غَضَباً
        وَقامَتُها كَأعوادِ قَصَبٍ جَفَّت مياهُهُ التي تَرويهِ
        وماتَت ينابيعُهُ فلم يعُد قادِراً على مجابهةِ الريحِ
        وذراعاها كَعيدانٍ مُلقاةٍ على الأرضِ بعدَ ان فقدَت الحياةَ
        كُلُّ شَيئٍ يَمُتُّ للجَمالِ بِصِلَةٍ غابَ عنها وَفارقَها
        وَتَحَوَّلت الحَياةُ إلى جَحيمٍ لا يُطاقُ
        جُوعٌ  فَقرٌ  مَرَضٌ  بُؤسٌ  شَقاءٌ  وَغَضَبٌ  وَثَورَةٌ
        سَتنفَجِرُ حينَ يَحينُ مَوعِدُ الانفِجارِ
        لِتُدَمِّرَ كُلَّ شيئٍ حولَها أوصَلَها إلى ما وَصَلَت إليهِ
        هذا هوُ الظُّلمُ وانعِدامُ العَدالةِ الاجتِماعيَّةِ
         وهذهِ هي نتائجُ الظُّلمِ والقَهرِ والفَقرِ والظَّلامِ
        أن يتَحَوَّلَ كُلُّ شيئٍ جَميلٍ في الحَياةِ
         إلى صَحراءٍ قاحِلَةٍ
        وَأرضٍ مالِحَةٍ مَتَشَقِّقَةٍ
         لا حَياةَ فيها ولا تَصلُحُ للحَياةِ
         بَؤُسَ الظُّلمُ وَالظَّلامُ
         وَسيَأتي يومٌ يكونُ فيهِ الانتِقامُ شديداً وبلا رَحمَةٍ
         مِن جيلٍ سُلِبَت حُقوقُهُ وَقُتِلَت آمالُهُ في الحَياةِ
         فالظُّلمُ والظَّلام لا يَدومانِ
          وَستُشرِقُ الشَّمسُ من جَديدٍ

في  / ٢٠  /  ٨  /  ٢٠١٩ 
الشاعر الكاتب ....
محمد عبد القادر زعرورة .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق