نم قرير العين ابا شادي
بقلم/ ابورياح تل الزعتر
~~~~~~~~~~~~~~
في السابع والعشرين من شهر تموز عام 1976 استشهد أخي خالد الملقب بابو شادي رغم صغر سنه في مخيم تل الزعتر وكان قد حضر إلى البيت ليأخذ قسطا من الراحة و النوم على أن يعود إلى موقعه بعد ذلك، لكن ما شاء الله كان .
وضع جثمانه في موقع الدوشكا الموجود قرب مركز الصيانة والقريب من البيت الذي كان اهلي يقيمون به في الحصار الأخير ...
في اليوم التالي تم تجهيز صندوقا خشبيا على شكل تابوت و هو عبارة عن جزء من خزانة ملابس منزلية و تم اختيار زاوية امنة بعيدة عن عيون القناص وحفر له قبر و عند موعد الدفن، طلبت والدتي رحمها الله ان ترافق والدي كي تحضر الدفن ولالقاء نظرة الوداع الأخيرة على ابنها و هذا ما حصل ....
و بعد حوالي اسبوعين من سقوط المخيم قررت والدتي أن تذهب إلى المخيم لإحضار جثمان أخي ودفنه في مقبرة شهداء فلسطين في بيروت الغربية فابلغت أخي بذلك و طلب أخي منها التمهل ليومين فقط، في هذا الأثناء اتصل أخي بالشهيد عادل كروم ( ابو سعود ) و هو ضابط في تنظيم الصاعقة ومقرب من القوات السورية وابلغه بقرار الوالدة وقد تم تأمين جندي سوري لمرافقة والدتي مع إحدى القريبات و هي سليمة عجاوي ( أم عدنان ) و تم استئجار سيارة مدنية
وتوجهت برفقة القريبة و الجندي السوري إلى المخيم حيث دفن أخي و بدأت بالحفر هي وأم عدنان وقد مر بهم مجموعة من الانعزاليين و بدأوا الاستهزاء و توجيه الشتائم فما كان من الجندي إلا أن شهر سلاحه بوجههم وأمرهم بالابتعاد و الا أطلق النار عليهم فأنصاعوا للامر المهم سحبت والدتي التابوت بمساعدة أم عدنان وفتحته وأخرجت الجثمان من داخله ودخلت إلى المقعد الخلفي للسيارة و وضعته على حضنها كالام التي تريد إرضاع طفلها والمفاجأة كانت أن جثمان الشهيد لم يتغير به شيء ملامح وجهه كما هي جسمه لم ينتفخ و بدون أي رائحة مع العلم انه مضى على دفنه حوالي الشهر ، و كان أخي قد قام بتجهيز قبر له في مقبرة شهداء فلسطين وكان بانتظار عودة الوالدة
و لدى وصولها إلى المقبرة تم دفنه بين اخوته الشهداء ...
اعتقد ان والدتي كانت من الأوائل الذين دخلوا إلى المخيم بعد سقوطه أن لم تكن الأولى، عندما عادت إلى البيت ابتسمت و قالت الآن خالد يرقد بسلام بين اخوته الشهداء، وقد ابلغتنا أنها عندما طلبت من والدي أن تحضر الدفن كانت تريد أن تعرف مكان دفنه لأنها كانت تفكر بالعودة إلى المخيم و نقل جثمانه إلى مقبرة الشهداء، لقد كتمت حزنها في قلبها و لم تظهره لنا حفاظا علينا و على مشاعرنا . ...
لقد سردت هذه الحادثة لأقول أن الأم الزعترية التي حوصرت وصبرت وصمدت و تحملت الجوع والعطش وقدمت اغلى ما عندها و شاهدت الأجرام و القتل و المجازر ولم تستسلم و لم تخنع ولم تركع بل بقيت شامخة و مرفوعة الرأس و طبقت المقولة....
ان عشت ف عش حرا او مت كالاشجار وقوفا ...
كل التحايا و الاحترام و التقدير لكل الأمهات الزعترية ...
ولن ننسى و لن نغفر و لن نسامح ...
والمجد والخلود لشهدائنا الابرار
بقلم/ ابورياح تل الزعتر
~~~~~~~~~~~~~~
في السابع والعشرين من شهر تموز عام 1976 استشهد أخي خالد الملقب بابو شادي رغم صغر سنه في مخيم تل الزعتر وكان قد حضر إلى البيت ليأخذ قسطا من الراحة و النوم على أن يعود إلى موقعه بعد ذلك، لكن ما شاء الله كان .
وضع جثمانه في موقع الدوشكا الموجود قرب مركز الصيانة والقريب من البيت الذي كان اهلي يقيمون به في الحصار الأخير ...
في اليوم التالي تم تجهيز صندوقا خشبيا على شكل تابوت و هو عبارة عن جزء من خزانة ملابس منزلية و تم اختيار زاوية امنة بعيدة عن عيون القناص وحفر له قبر و عند موعد الدفن، طلبت والدتي رحمها الله ان ترافق والدي كي تحضر الدفن ولالقاء نظرة الوداع الأخيرة على ابنها و هذا ما حصل ....
و بعد حوالي اسبوعين من سقوط المخيم قررت والدتي أن تذهب إلى المخيم لإحضار جثمان أخي ودفنه في مقبرة شهداء فلسطين في بيروت الغربية فابلغت أخي بذلك و طلب أخي منها التمهل ليومين فقط، في هذا الأثناء اتصل أخي بالشهيد عادل كروم ( ابو سعود ) و هو ضابط في تنظيم الصاعقة ومقرب من القوات السورية وابلغه بقرار الوالدة وقد تم تأمين جندي سوري لمرافقة والدتي مع إحدى القريبات و هي سليمة عجاوي ( أم عدنان ) و تم استئجار سيارة مدنية
وتوجهت برفقة القريبة و الجندي السوري إلى المخيم حيث دفن أخي و بدأت بالحفر هي وأم عدنان وقد مر بهم مجموعة من الانعزاليين و بدأوا الاستهزاء و توجيه الشتائم فما كان من الجندي إلا أن شهر سلاحه بوجههم وأمرهم بالابتعاد و الا أطلق النار عليهم فأنصاعوا للامر المهم سحبت والدتي التابوت بمساعدة أم عدنان وفتحته وأخرجت الجثمان من داخله ودخلت إلى المقعد الخلفي للسيارة و وضعته على حضنها كالام التي تريد إرضاع طفلها والمفاجأة كانت أن جثمان الشهيد لم يتغير به شيء ملامح وجهه كما هي جسمه لم ينتفخ و بدون أي رائحة مع العلم انه مضى على دفنه حوالي الشهر ، و كان أخي قد قام بتجهيز قبر له في مقبرة شهداء فلسطين وكان بانتظار عودة الوالدة
و لدى وصولها إلى المقبرة تم دفنه بين اخوته الشهداء ...
اعتقد ان والدتي كانت من الأوائل الذين دخلوا إلى المخيم بعد سقوطه أن لم تكن الأولى، عندما عادت إلى البيت ابتسمت و قالت الآن خالد يرقد بسلام بين اخوته الشهداء، وقد ابلغتنا أنها عندما طلبت من والدي أن تحضر الدفن كانت تريد أن تعرف مكان دفنه لأنها كانت تفكر بالعودة إلى المخيم و نقل جثمانه إلى مقبرة الشهداء، لقد كتمت حزنها في قلبها و لم تظهره لنا حفاظا علينا و على مشاعرنا . ...
لقد سردت هذه الحادثة لأقول أن الأم الزعترية التي حوصرت وصبرت وصمدت و تحملت الجوع والعطش وقدمت اغلى ما عندها و شاهدت الأجرام و القتل و المجازر ولم تستسلم و لم تخنع ولم تركع بل بقيت شامخة و مرفوعة الرأس و طبقت المقولة....
ان عشت ف عش حرا او مت كالاشجار وقوفا ...
كل التحايا و الاحترام و التقدير لكل الأمهات الزعترية ...
ولن ننسى و لن نغفر و لن نسامح ...
والمجد والخلود لشهدائنا الابرار

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق