الخميس، 18 يوليو 2019

كنوز الأدب ... بقلم الأديب المتألق محمد جمال الغلاييني

مصطفى لطفي المنفلوطي اشهر من نار على علم يرفرف سامقا فوق ربى الشعر والادب .
اديب وشاعر مصري يعتبر من اهم رواد الادب مطلع القرن المنصرم ، والنابغ في الصياغة الادبية والسرد القصصي .
ولد عام ١٨٧٦ في منفلوط من اب مصري وام تركية . تميزت تلك العائلة الكريمة بالتقوى والعلم والاخلاق الفاضلة .
حفظ القرآن الكريم وهو في عمر ٩ سنوات ثم التحق بالازهر الشريف في القاهرة لمدة ١٠ اعوام ، حيث تعلم التفسير والفقه والحديث والتاريخ والادب العربي . تجلت ميوله الادبية هناك فنهل من معين كتب عمالقة الشعر والادب في العصر الجاهلي ثم في صدر الاسلام مرورا بالعهدين الاموي والعباسي .
احب استاذه مفتي الديار المصرية الامام محمد عبده وتأثر كثيرا بأفكاره الاصلاحية متمسكا بالثوابت الدينية محاربا واياه البدع والخرافات المنتشرة وسط المجتمعات العربية آنئذ . 
نشر افكاره ومؤلفاته الادبية عبر اشهر  الصحف المصرية في مجلة العمدة والهلال والجامعة الى ان انتهى به المطاف في جريدة المؤيد عام ١٩٠٧ .
كان ينشر مؤلفاته بعنوان " نظرات " التي جمعها لاحقا في ثلاثة مجلدات ، وتعتبر درة كتاباته وافكاره وتوجيهاته للاجيال المتعاقبة .
عرف بعفته وشهامته ونزاهته ولم يتقاض اي اجر عن كتاباته ولم يحقق اي منافع مادية جراء ذلك . وهنا تكمن حرية الاديب التي تتيح له عدم تزلفه ومداهنته لولي نعمته اذا كان يتقاضى راتبا .
 اثر عنه الهيبة والوقار والعزة والرزانه والجرأة في قول الحق والنصح الرشيد ورقة القلب وسلامة العقيدة .
ما كان ضليعا في اللغة الفرنسية ، لذا فقد كان يكلف اصدقاءه بقراءة القصص والروايات ، ثم يقوم بترجمتها وسبكها بقالب لغوي فريد ابهر القاصي والداني .
عمل في وزارة المعارف المصرية اول الامر ثم تركها مبتعدا عن الوظائف الحكومية ، متفرغا للكتابة . وفي اواخر عمره عين كاتبا في مجلس النواب المصري وظل في تلك الوظيفة حتى وفاته .
وكعادة كل نابغة موهوب فقد تعرض للانتقاد من خصومه وللمدح من محبيه . الا انهم اتفقوا جميعا على اعتباره كاتبا فريدا مبدعا في الانشاء والصياغة الادبية واختيار المفردات وسرد القصص وترجمة الروايات الاجنبية .
  تعتبر مؤلفاته كنز من كنوز الادب وهي :
- النظرات ٣ اجزاء : مجموعة كتابات في الادب والنقد والسياسة والاسلاميات وقصص قصيرة موضوعة ومترجمة .
- العبرات : تضم ٩ قصص ؛ ٣ منها موضوعة و ٦ مترجمة .
- الفضيلة - بول وفرجيني - : قصة جميلة جدا ومميزة مترجمة عن الاديب الفرنسي برناردين دي سان بيير .
- تحت ظلال الزيزفون - ماجدولين - : قصة رائعة مترجمة عن الاديب الفرنسي الفونس كار .
- الشاعر - سيرانو ديبرجراك -: قصة مترجمة عن الكاتب الفرنسي ادموند روستان .
- في سبيل التاج : قصة مترجمة للكاتب الفرنسي مرانو كوبيه .
- محاضرات المنفلوطي : مجموعة ادبية تتحدث عن منظوم ومنثور العرب قديما وحديثا وضعها لطلاب المدارس .
- التراحم : يركز فيه على الرحمة والتي هي من اساسيات الدين الاسلامي .
قبيل وفاته بشهرين اصيب بالشلل فثقل لسانه . لم يفصح عن مرضه لاحد ، ورفض العلاج عند الاطباء لعدم ثقته بهم ! ظل يعاني بصمت الى ان توفي بنوبة قلبية مفاجئة ليلا عام ١٩٢٤ في القاهرة عن عمر يناهز ٤٨ عاما .
هذا هو قدر العمالقة ان يعانوا بصمت ويرحلوا باكرا لتخلدهم ابداعاتهم ابد الدهر .

اذا اردت ان ترتع في رياض الادب الجميل ؛ ارتع في بستان مصطفى لطفي المنفلوطي ..

محمد جمال الغلاييني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق