الاثنين، 22 يونيو 2020

(وَردَةٌ علَى ضَريحٍ – 1 بقلم الشاعر المتألق محمد رشاد محمود

(وَردَةٌ علَى ضَريحٍ – 1) -(محمد رشاد محمود)
رَأيتُهــــا مرأَى الخاطرِ ذاتَ يَــومٍ مــــن ربيــــع عامَ 2004 تحنـو على ضريـــحٍ في قِيـعَةٍ أجْدَبَ من الخريف ، وتنفضُ على سمعِ قاطِنِه نفثاتٍ ظلَّت تَتَسَحَّبُ وقد فضَّ القَفرُ ولُعابُ الشَّمسِ أوراقَها اللُّدنَ ، وانقَضَى – ولَم تَنقَضِ – عُمرُها العابِرُ القصير .
حنَّـت على ضفَّــــة التِّـرحــال وانبَـعَـــثَــتْ
رَفَّــافَــــةَ الخَـطــرِ فـي جَبَّــــانَةِ التِّيــــــــهِ
وآنَـسَــــتْ فــي ظِـــلالِ المَــوْتِ وَحْشَتَــــهُ
أُنــْـــسَ الشِّهَــــابِ دُجونَ اللَّيــْـــلِ تُذكيــــهِ
لـولَا ابْتِـــــدارُ الجَنَى مَا رابَـهَـــــا رَهَــــبٌ
ذَودٌ عَن الــــوَردِ شَــوكٌ في تَصَبِّـــــيــــــهِ
فتَّــــــانَـــةٌ لِلُـــــعــابِ الشَّــمــسِ تَمْحَـضُـهُ
حَسْــوَ النَّــــدَى خَطــــراتٍ مِـنْ تَشَهِّــــــيهِ
كـــالخَمْـرِ في الكــأسِ إلَّا أنَّهَـــــــأ قَبَـــــسٌ
مِنْ فَــوْرَةِ الـــوَجْــدِ نَـــدَّتْ مِنْ تَفَـرِّيـــــــهِ
حَمراءُ كَالـجَمـرِ وافَـــى هَـامَهَـــــا بِــوَحًـى
مُدهَّـــــامُ خُضرَتِهَـــــا لو أن خَلَـت تِيهـــي
مِــا ضَرَّ مَنْ قَـــد حَواهُ القَبْــرُ لَـــو زفَـرَتْ
زَفــــرَ اللَّهــــــيفَـةِ أنْفــــــــاسًــا تُؤَسِّـيــــهِ
رَجَّافَــــــةٌ وغُبَــــارُ الــرَّمسِ يَمحَضُهــــــا
بَثَّ الضَّجيــــعِ شجــونًــــا مِــنْ تَشَكِّـيــــــهِ
تـــأوَّدَتْ فَــــوْقَ جَــــافِيــــهِ وساوَرَهـَــــــا
مِـــنَ الـرِّثَــــــاءِ نُـزاءٌ لَيْــــسَ تُخْفِيـــــــــهِ
كَأنَّهــــــا الظِّئــرُ حَنَّـتْ لِلـرَّضيعِ شَكَــــــــا
فَـوتَ الـــرَّضاعِ فأحْنَــتْ مَـــا تُخَلِّيـــــــــهِ
وألقَمَتــــــهُ رَطيــــبَ الثّــــــديِ يَمْصَـــــدُهُ
مَصدَ اللَّهـــيــــفِ يَدوفُ الرَّسْلَ في فِيــــــهِ
وناوَلَـتْـــــهُ شِفَاهًـــــــــا لَــــو تَرَشَّفَهَــــــــا
في النَّـزعِ ذو الغُلَّـــــــةِ اللَّهْــــفانُ تُحييــــهِ
مــا إنْ دَرَتْ ونُفـَــــاثُ المَـوتِ يَحصِبُهــــا
أنَّ البَهَـــــاءَ هَبَـــــاءٌ حِيــــنَ يُـذْرِيـــــــــــهِ
فاستَعبَرَتْ وقَضَتْ قَهْـــــرًا ورَقرَقَهَــــــــــا
لِلتُّـــرْبِ مِثْـــلُ نثــــارِ الـدَّمعِ مُجريـــــــــهِ
(محمد رشاد محمود)
................................................................................................................................................
*تَصَبّت المرأةُ الرَّجُلَ : شاقَتْهُ ودعَتهُ إلى الصِّبا ، فحَنَّ إلَيها .
*تَفَرَّى : انْشَقَّ . وتَفَرَّت العَينُ : انبَجَسَتْ .
*تؤَسِّيهِ : تُعَزِّيهِ . تَأوَّدَتْ : انعَطَفَتْ .
*المَصْدُ : المَصُّ والرَّضاعُ . يَدوفُ : يَخلِطُ ويَبلُّ * والدَّوْفُ : الخَلطُ والبَلُّ بماءٍ ونَحوِه .
*الرِّسْلُ (بكَسر الرَّاء المُشَدَّدَة) : اللَّبَن – والمقصودُ : يرضَعُ اللبَن ويخلِطُه بِريقِه مُستَلِذًّا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق