الخميس، 17 يناير 2019

تل الزعتر... جرح يأبى النسيان بقلمي / تغريد الحاج الحلقة الرابعة ..

تل الزعتر...
جرح يأبى النسيان
بقلمي /  تغريد الحاج
الحلقة الرابعة ..
~~~~~~~~
لقد شهد لبنان مرحلة من الهدوء الأمني والسياسي مما انعكس ذلك على الازدهار العمراني الذي امتد إلى المصايف اللبنانيه في جبل لبنان، فقد بدأ رجال الاعمال الخليجيين يشترون قطع الأراضي في الجبل وبناء البيوت الخاصه بهم وكلها فيلات في منطقة صوفر وعاليه وبحمدون، وكأن معظم عمال البناء من المخيمات الفلسطينية، وكان لليد العاملة في تل الزعتر دورا هاما في البناء حيث كان الاجر زهيد جدا مما جعل العديد من العائلات في المخيمات الأخرى الانتقال إلى مخيم تل الزعتر، خاصه من مخيمات صور والنبطية، هذا بالإضافة إلى معظم أهالي بلدة هونين الذين كانوا يقيمون في القرى الجنوبية، حيث انتقلوا إلى منظقة النبعة/ برج حمود وإلى مخيم تل الزعتر طلبا للرزق،
لقد اجرت وكالة الغوث الاونروا إحصاء رسمي للعائلات في كل المخيمات الفلسطينية في لبنان، الا ان نتيجة انتقال العائلات من مخيم إلى اخر ونزوح بعض العائلات من فلسطين عام 1956 قامت وكالة الغوث بعمل أحصاء جديد للمخيمات بناءا على طلب من وزارة الداخلية اللبنانية، وكان هذا آخر احصاء أجرته وكالة الغوث ضمن سجلات رسميه وضمن إعطاء أرقام للعائلات حسب الكنيه فأصبح لكل عائله فلسطينية مقيمة في لبنان! رقم ملف ورقم بيان إحصائي، واصبحت هذه الأرقام على البطاقات الخاصة للاجئين الفلسطينيين حتى المقيمين في القرى اللبنانيه ...
بدأت العائلات تنتقل إلى مخيم تل الزعتر للبحث عن سبل المعيشه وبدأ المخيم ينموا ويتطور شيئا فشيئاً لدرجة ان مساحة المخيم الرئيسيه لم تعد تتسع للعائلات، مما دفع بوكالة الغوث إلى استئجار قطعة أرض تابعة لدائرة الأوقاف المسيحية، وتم ضمها إلى أرض المخيم هذا ناهيك عن العمال السوريين والأكراد الذي اقاموا احياء خاصة بهم ضمن قطعة الأرض المستحدثة والقريبة من مدرسة بيسان، هذه المدرسة التي تم إنشائها فور بناء المخيم، لقد كانت بداية بناء المدرسة من الخيم، لم يكن هناك مقاعد للطلاب وكأي مخيم، كان الطلاب يُقلبلون على العلم بشغف رغم كل معوقات التعليم من ظروف ماديه وإنسانية، الا انهم كانوا وما زالوا يرغبون بالتعليم حالهم حال كل أبناء الشعب الفلسطيني في اي مكان يتواجدون به، كانت المدراس عباره عن خيم كبيرة كان الطلاب يجلسون على الحُصر في تلك الحقبة من النزوح، لم يكن لباس المدرسة موحدا، كانت كل الوان الأقمشة وشنط الكتب كانت مصنوعه من القماش الذي تخيطه الام لاولادها، وكان التعليم اليومي من الساعه الثامنه صباحا حتى الساعه الثالثه والنصف عصراً، بشكل متواصل وبين الحصص أوقات قليله للاستراحه
كان معظم المدرسين من ابناء شعبنا
 الذين تعلموا في المدارس الفلسطينية قبل النكبة، وكان معظمهم حائز على شهادة السرتفيكا. الابتدائية، كان المدرس يعتبر الطلاب اولاده وهذا شعور ولدته النكبه، فالمدرس لاجئ والطالب لاجئ، هذا القاسم المشترك بينهما جعل المدرس أن يكون حازما بالتعليم الذي كان في المخيمات للصف السادس وفي بعض المخيمات كان للصف الرابع فقط ...
عندما كنت ترى الطلاب وهم ذاهبين إلى مدرستهم خاصه في أيام الشتاء كيف كانوا يعانون من البرد ومن مشقة الطرقات داخل المخيم، إن أي إنسان كان يشاهد هدا المنظر تأخذه الدهشة، منظر يجمع بين ألفقر والبرد والتصميم والاراده لتحصيل العلم وكم تخرج من هذه المدراس متفوقين في كل المجالات التربوية والتعليمية ...

            📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة 
                    من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان  )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق