يعتبر العصر العباسي الذي دام حوالي 524 عاما من العصور الذهبية للغة العربية ؛ ادبا وشعرا .
فأرقى شعراء وادباء العرب نشأوا وترعرعوا في ظل ذلك العهد . ومن منا لا يذكر عمالقة الشعر امثال ابن الرومي والمتنبي وابو العلاء المعري وابو تمام والبحتري والاصمعي وابو فراس الحمداني وابو النواس وابو العتاهية وحتى الامام الشافعي ؟
ومن منا من لا يذكر كبار الادباء امثال ابن المقفع والجاحظ ؟
وكما حصل في العهد الاموي فان الشعر في العهد العباسي وما تخلله من دخول العجم ( الفرس والترك ) بكثرة في الاسلام واختلاطهم بالمسلمين محاولين نشر افكارهم ومعتقداتهم ، قد تأثر بشكل كبير . حيث تأرجح بين موجات الايمان والزهد والتصوف تارة ، وطورا بين موجات الفخر والمدح والهجاء والتهتك .
ومن ابرز شعراء الزهد والتصوف في مطلع هذا العصر الذهبي الشاعر " ابو العتاهية " .
اسمه اسماعيل بن اسحاق ولقبه ابو اسحاق . مواليد 130 للهجرة في عين التمر . انتقل الى الكوفة ثم الى بغداد وتقرب من الخلفاء العباسيين الثلاثة المهدي والهادي وهارون الرشيد ومدحهم وتكسب مما منحوه اياه من المال .
ابو العتاهيه لقب رافقه مذ كان شابا ماجنا متهتكا لازمه طول حياته علما انه كف عن حياه المجون ومال الى الزهد والتنسك .
كان دميم الوجه قبيح المنظر ، اعجب بجارية المهدي " عتبة " فأولع بها وانشد لها الاشعار . علم المهدي بذلك فسجنه ثم رق لحاله فأخلى سبيله . ومن يومها تخلى عن نظم اشعار الغزل وتحول الى نظم اشعار الزهد والتبتل والتذكير بالآخرة .
بكيت على الشباب بدمع عيني
فلم يغن البكاء ولا النحيب
عريت من الشباب وكنت غضا
كما يعرى الورق من القضيب
فيا ليت الشباب يعود يوما
لأخبره بما فعل المشيب
كرس جل حياته ناصحا للخلفاء وللناس فأبكى الرشيد عندما ذكره بانه سيموت وينزل وحيدا في حفرة تاركا خلفه كل هذا الملك .
حذر الناس من اجتراح المعاصي في الخلوات :
اذا ما خلوت الدهر يوما
لا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل طرفة
وان ما اخفيت عنه يغيب
اراد ان يتوقف عن انشاد كل انواع الشعر ، واخبر هارون الرشيد برغبته تلك فمنعه ، ولما اصر سجنه ! واشترط الافراج عنه بعودته الى نظم الشعر فرضخ لمطلب الخليفة وعاد الى نظمه .
ومن روائع ما قاله في الحكمة :
وبعض الأنام كبعض الشجر
جميل القوام شحيح الثمر
وفرز النفوس كفرز الصخور
ففيها النفيس وفيها الحجر
وبعض الوعود كبعض الغيوم
قوي الرعود شحيح المطر
وخير الكلام قليل الحروف
كثير القطوف بليغ الاثر
وكم من كفيف بصير الفؤاد
وكم من فؤاد كفيف البصر
وما كل وجه مضيء يدور
بعتمة ليل يسمى قمر
امضى جل عمره في بغداد الى ان وافته المنية عام 213 للهجرة عن عمر يناهز 83 عاما .
خلده تاريخ الشعر العربي باحرف من نور على قرطاس الزهد والتنسك ، في عصر ماجت فيه الفتن كأمواج البحار العاتية !
محمد جمال الغلاييني
فأرقى شعراء وادباء العرب نشأوا وترعرعوا في ظل ذلك العهد . ومن منا لا يذكر عمالقة الشعر امثال ابن الرومي والمتنبي وابو العلاء المعري وابو تمام والبحتري والاصمعي وابو فراس الحمداني وابو النواس وابو العتاهية وحتى الامام الشافعي ؟
ومن منا من لا يذكر كبار الادباء امثال ابن المقفع والجاحظ ؟
وكما حصل في العهد الاموي فان الشعر في العهد العباسي وما تخلله من دخول العجم ( الفرس والترك ) بكثرة في الاسلام واختلاطهم بالمسلمين محاولين نشر افكارهم ومعتقداتهم ، قد تأثر بشكل كبير . حيث تأرجح بين موجات الايمان والزهد والتصوف تارة ، وطورا بين موجات الفخر والمدح والهجاء والتهتك .
ومن ابرز شعراء الزهد والتصوف في مطلع هذا العصر الذهبي الشاعر " ابو العتاهية " .
اسمه اسماعيل بن اسحاق ولقبه ابو اسحاق . مواليد 130 للهجرة في عين التمر . انتقل الى الكوفة ثم الى بغداد وتقرب من الخلفاء العباسيين الثلاثة المهدي والهادي وهارون الرشيد ومدحهم وتكسب مما منحوه اياه من المال .
ابو العتاهيه لقب رافقه مذ كان شابا ماجنا متهتكا لازمه طول حياته علما انه كف عن حياه المجون ومال الى الزهد والتنسك .
كان دميم الوجه قبيح المنظر ، اعجب بجارية المهدي " عتبة " فأولع بها وانشد لها الاشعار . علم المهدي بذلك فسجنه ثم رق لحاله فأخلى سبيله . ومن يومها تخلى عن نظم اشعار الغزل وتحول الى نظم اشعار الزهد والتبتل والتذكير بالآخرة .
بكيت على الشباب بدمع عيني
فلم يغن البكاء ولا النحيب
عريت من الشباب وكنت غضا
كما يعرى الورق من القضيب
فيا ليت الشباب يعود يوما
لأخبره بما فعل المشيب
كرس جل حياته ناصحا للخلفاء وللناس فأبكى الرشيد عندما ذكره بانه سيموت وينزل وحيدا في حفرة تاركا خلفه كل هذا الملك .
حذر الناس من اجتراح المعاصي في الخلوات :
اذا ما خلوت الدهر يوما
لا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل طرفة
وان ما اخفيت عنه يغيب
اراد ان يتوقف عن انشاد كل انواع الشعر ، واخبر هارون الرشيد برغبته تلك فمنعه ، ولما اصر سجنه ! واشترط الافراج عنه بعودته الى نظم الشعر فرضخ لمطلب الخليفة وعاد الى نظمه .
ومن روائع ما قاله في الحكمة :
وبعض الأنام كبعض الشجر
جميل القوام شحيح الثمر
وفرز النفوس كفرز الصخور
ففيها النفيس وفيها الحجر
وبعض الوعود كبعض الغيوم
قوي الرعود شحيح المطر
وخير الكلام قليل الحروف
كثير القطوف بليغ الاثر
وكم من كفيف بصير الفؤاد
وكم من فؤاد كفيف البصر
وما كل وجه مضيء يدور
بعتمة ليل يسمى قمر
امضى جل عمره في بغداد الى ان وافته المنية عام 213 للهجرة عن عمر يناهز 83 عاما .
خلده تاريخ الشعر العربي باحرف من نور على قرطاس الزهد والتنسك ، في عصر ماجت فيه الفتن كأمواج البحار العاتية !
محمد جمال الغلاييني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق