تعتبر قصة حب الشاعر احمد ابن زيدون للأميرة الأموية الشاعرة ولادة بنت حاكم قرطبة محمد المستكفي بالله ، من اروع قصص الحب التي شهدتها ربوع الاندلس منذ حوالي الف عام .
نشأ ابن زيدون يتيما فرعته امه حق الرعاية . ولما شب برز نبوغه الشعري واحساسه المرهف الى العيان ، وذلك اثر رثاء قاض مغمور وكان عمره حينئذ عشرين عاما .
سمعت بشعره الأميرة الحسناء ذات الحسب والنسب ولادة ، فاعجبت به كثيرا وارسلت اليه طالبة منه حضور مجالس الادب والشعر والغناء التي كانت تعقدها في دارها بعد مقتل ابيها .
دق الحب باب قلبيهما ففتحاه سريعا على مصراعيه وراحا يتبادلان اشعار الحب والهيام .
طلب ابن زيدون لقاءها وحيدة فارسلت اليه :
ترقب اذا جنٌ الظلام زيارتي
فاني رأيت الليل أكتم للسر
ولكن ابن زيدون ارتكب خطأ فادحا كلفه ثمنا باهظا جدا . فقد تغزل بجاريتها السوداء بعدما اعجب بعذوبة صوتها وهي تغني ، قاصدا بذلك اشعال نار غيرة ولادة ليتأكد من حبها له " فالغيرة دليل الحب " ، ولكنه نسي ان الغيرة ايضا تتعلق بكرامة الانثى ، واذا ما مُسَّت كرامتها فستتحول الى وحش كاسر بعدما كانت حملا وديعا ..
وما كان يعلم بانه قد حفر قبر حبه بيده !
جن جنون ولادة واشتعلت غيرتها وقررت رد الصاع صاعين ! وانشدت له :
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا
لم تهو جاريتي ولم تتخير
وتركت غصنا مثمرا بجماله
وجئت للغصن الذي لم يثمر
ولقد علمت بأنني بدر السما
لكن دهيت لشقوتي بالمشتري
تقربت من عدوه اللدود ابن عبدوس الذي كان يحبها ويحاول جاهدا استمالتها ، وهو الغني مالا والفقير علما وادبا . فاشتعل قلب ابن زيدون غيرة وهجاه هجاء مقذعا !
كرهته اكثر واكثر ، واعلنت حبها لابن عبدوس وعدم السماح له بهجائه مطلقا . هنا وصل ابن عبدوس الى مبتغاه وتحين الفرصة للانقضاض على ابن زيدون وازاحته نهائيا من درب ولادة ، وتم له ما اراد !
دبر له مكيدة محبكة واتهمه بتبديد اموال مؤتمن عليها فحاكمه وزج به في السجن !
هنا خلا الجو لهما تماما بعد ان شعرا بنشوة الانتقام ، واخرجته ولادة من حياتها نهائيا !
اشتعل قلب ابن زيدون شوقا وحنينا اليها وهو قابع في السجن ذليلا يعاني مرارة الظلم والم الجوى ، وراح ينشد الاشعار تعبيرا عن حبه ووفائه لها .
علمت بذلك الاميرة الجميلة ولكنها لم تعر تلك الاشعار بالا فكانت تتجاهلها تماما !
بعد مدة من سجنه استطاع الفرار بالاتفاق مع احد المسؤولين ، وذهب الى الحديقة المشهورة التي كان يلتقي بها بين جذوعها السامقة ، وانشد لها درة الشعر الغزلي " اضحى التنائي" :
اضحى التنائي بديلا من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
شوقا اليكم ولا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
ليسق عهدكم عهد السرور
فما كنتم لارواحنا الا رياحينا
غيظ العدى من تساقينا الهوى
فدعوا بأن نغص فقال الدهر آمينا
فانحل ما كان معقودا بأنفسنا
وانبت ما كان موصولا بأيدينا
عليك مني سلام الله ما بقيت
صبابة منك تخفيها فتخفينا
ولكن غرورها منعها من الانصات الى بكاء قلبه ، فغادر الى اشبيلية يائسا من وصالها ، وتقرب من حاكمها فاسند له وزارة وامضى بقية حياته مخلصا لذكراها محافظا على حبه لها الى ان وافته المنية عن عمر 68 عاما .
اما الاميرة الحسناء ولادة فقد امضت وقتا مع ابن عبدوس ولم تتزوج به ! ويبدو ان حبها الدفين لابن زيدون حال دون زواجها بأحد الى ان طعنت في السن وهرمت وماتت بعد حبيبها بثلاثين عاما عن عمر يناهز 97 عاما .
وشهدت الاندلس دفن ذلك الحب منذ اكثر من الف عام ليسجل التاريخ ذكراه في قرطاس الهيام بأحرف من ذهب .
محمد جمال الغلاييني
نشأ ابن زيدون يتيما فرعته امه حق الرعاية . ولما شب برز نبوغه الشعري واحساسه المرهف الى العيان ، وذلك اثر رثاء قاض مغمور وكان عمره حينئذ عشرين عاما .
سمعت بشعره الأميرة الحسناء ذات الحسب والنسب ولادة ، فاعجبت به كثيرا وارسلت اليه طالبة منه حضور مجالس الادب والشعر والغناء التي كانت تعقدها في دارها بعد مقتل ابيها .
دق الحب باب قلبيهما ففتحاه سريعا على مصراعيه وراحا يتبادلان اشعار الحب والهيام .
طلب ابن زيدون لقاءها وحيدة فارسلت اليه :
ترقب اذا جنٌ الظلام زيارتي
فاني رأيت الليل أكتم للسر
ولكن ابن زيدون ارتكب خطأ فادحا كلفه ثمنا باهظا جدا . فقد تغزل بجاريتها السوداء بعدما اعجب بعذوبة صوتها وهي تغني ، قاصدا بذلك اشعال نار غيرة ولادة ليتأكد من حبها له " فالغيرة دليل الحب " ، ولكنه نسي ان الغيرة ايضا تتعلق بكرامة الانثى ، واذا ما مُسَّت كرامتها فستتحول الى وحش كاسر بعدما كانت حملا وديعا ..
وما كان يعلم بانه قد حفر قبر حبه بيده !
جن جنون ولادة واشتعلت غيرتها وقررت رد الصاع صاعين ! وانشدت له :
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا
لم تهو جاريتي ولم تتخير
وتركت غصنا مثمرا بجماله
وجئت للغصن الذي لم يثمر
ولقد علمت بأنني بدر السما
لكن دهيت لشقوتي بالمشتري
تقربت من عدوه اللدود ابن عبدوس الذي كان يحبها ويحاول جاهدا استمالتها ، وهو الغني مالا والفقير علما وادبا . فاشتعل قلب ابن زيدون غيرة وهجاه هجاء مقذعا !
كرهته اكثر واكثر ، واعلنت حبها لابن عبدوس وعدم السماح له بهجائه مطلقا . هنا وصل ابن عبدوس الى مبتغاه وتحين الفرصة للانقضاض على ابن زيدون وازاحته نهائيا من درب ولادة ، وتم له ما اراد !
دبر له مكيدة محبكة واتهمه بتبديد اموال مؤتمن عليها فحاكمه وزج به في السجن !
هنا خلا الجو لهما تماما بعد ان شعرا بنشوة الانتقام ، واخرجته ولادة من حياتها نهائيا !
اشتعل قلب ابن زيدون شوقا وحنينا اليها وهو قابع في السجن ذليلا يعاني مرارة الظلم والم الجوى ، وراح ينشد الاشعار تعبيرا عن حبه ووفائه لها .
علمت بذلك الاميرة الجميلة ولكنها لم تعر تلك الاشعار بالا فكانت تتجاهلها تماما !
بعد مدة من سجنه استطاع الفرار بالاتفاق مع احد المسؤولين ، وذهب الى الحديقة المشهورة التي كان يلتقي بها بين جذوعها السامقة ، وانشد لها درة الشعر الغزلي " اضحى التنائي" :
اضحى التنائي بديلا من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
شوقا اليكم ولا جفت مآقينا
تكاد حين تناجيكم ضمائرنا
يقضي علينا الأسى لولا تأسينا
ليسق عهدكم عهد السرور
فما كنتم لارواحنا الا رياحينا
غيظ العدى من تساقينا الهوى
فدعوا بأن نغص فقال الدهر آمينا
فانحل ما كان معقودا بأنفسنا
وانبت ما كان موصولا بأيدينا
عليك مني سلام الله ما بقيت
صبابة منك تخفيها فتخفينا
ولكن غرورها منعها من الانصات الى بكاء قلبه ، فغادر الى اشبيلية يائسا من وصالها ، وتقرب من حاكمها فاسند له وزارة وامضى بقية حياته مخلصا لذكراها محافظا على حبه لها الى ان وافته المنية عن عمر 68 عاما .
اما الاميرة الحسناء ولادة فقد امضت وقتا مع ابن عبدوس ولم تتزوج به ! ويبدو ان حبها الدفين لابن زيدون حال دون زواجها بأحد الى ان طعنت في السن وهرمت وماتت بعد حبيبها بثلاثين عاما عن عمر يناهز 97 عاما .
وشهدت الاندلس دفن ذلك الحب منذ اكثر من الف عام ليسجل التاريخ ذكراه في قرطاس الهيام بأحرف من ذهب .
محمد جمال الغلاييني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق