تل الزعتر...
جرح يأبى النسيان
بقلمي / تغريد الحاج
الحلقة واحد خمسون ...
~~~~~~~~~~~
هذه المجزرة كانت الحد الفاصل للحياة المدنية في قلب العاصمة بيروت، ساحة الشهداء، ساحة البرج، الأسواق التجارية التي يقابلها في الطرف الآخر منطقة الجميزة، الصيفي، الأشرفية، تعطلت المصالح كلها أعقبها دخول القوات المشتركة إلى منطقة الفنادق وطرد عناصر التنظيمات اليمينية المتطرفة، معركة الفنادق التي سيطرت عليها
القوات المشتركة، كانت ضربة للجبهة اللبنانية، في تلك المرحلة بدا يهود وادي ابو جميل مغادرة لبنان عبر البحر ولم يبقى منهم احد، توسعت رقعة المحاور أكثر وأكثر ، كان رد القوات المشتركة على المجزرة قصف عمق المنطقة الشرقية، وقد طال القصف المدفعي مناطق جبل لبنان، في عينطورة وعيون االسيمان وبولونيا ظهور شوير وغيرها من مناطق صنين، حيث كان تواجد قوي للحزب السوري القومي الاجتماعي احد ابرز أحزاب القوات المشتركة في تلك المناطق، اشتدت وتيرة المعارك لتشمل مناطق أخرى في البقاع وخاصة في مدينة زحلة والغرفة الفرنسية في أعالي جبل صنين، لم يعد مجال لإكمال ملاجئ مخيم تل الزعتر نظرا لصعوبة الوصول اليه وادخال مواد بناء او غيره، كثفت الجبهة اللبنانية الحصار على المخيم وفصلته عن مخيم ضبية من جهة وعن منطقة المسلخ وبرج حمود من ناحية أخرى، إضافة إلى أعمال القنص على الطريق الفاصلة بين مخيم تل الزعتر ومخيم جسر الباشا، لكن تدخل بعض الزعامات من المنطقة الشرقية والغريبة لإعادة فتح الطرقات إضافة إلى لجنة الارتباط كانت احيانا ترفع الحواجز الطيارة والثابتة عن الطرقات لساعات معينة أثناء النهار لتعود مجددا أثناء الليل، لكن المخطط الانعزالي لم ينتهي عند هذا الحد رغم كل الوساطات التي كانت بين الاطراف، لم تكن الحركة الوطنية برئاسة الزعيم الدرزي كمال جنبلاط غائبة عن أي قرار، وكذلك حركة أمل بشخص الزعيم المغيب موسى الصدر، وبالمناسبة وبقرار من قيادة فتح تم تدريب أبناء حركة امل في تل الزعتر في ملجأ الحسينية في منطقة رأس الدكوانة، كما كانت إقامة السيد
محمد مهدي شمس الدين وشقيقه، لقد كان تدريبهم على السلاح واللياقة البدنية، وحرب العصابات، رغم ان البعض منهم كانوا من محازبي كامل أحمد الاسعد، تحت اسم أنصار الجيش، لكن حركة أمل كان هدفها ابعادهم عن هذا الحزب الموالي للجبهة اللبنانية، وبالفعل التزم معظمهم تحت لواء حركة المحرومين التي أصبحت حركة أمل ..
نتيجة هذا الحصار الجزئي للمخيم، كان التجار يفقدون الكثير من المواد الغذائية، وبعض المحلات اغلقت ابوابها، كان رئيس الوزراء المرحوم امين الحافظ (ابو رمزي) يقيم في جسر الباشا، شعر بالوضع الذي يعانيه أبناء مخيم تل الزعتر من نقص في المواد الغذائية الأولية وخاصة مادة الطحين مما اضطر الأفران الشعبية أيضا إلى اغلاق أبوابها بإستثناء فرن عبد الغزيز البرجاوي الذي استمر بالعمل لتأمين مادة الخبز لأبناء المخيم، كان عنده في الفرن كمية من الطحين مخزنة، مما كان يسهل الحصول على الخبز إضافة إلى بعض العائلات التي خزنت مواد تموينية منذ بداية الاحداث، معارك الجبل تلك أيضا لم توقف المعارك، ولم يوقف المعارك سقوط الدامور التي تهجر اهلها بالبحر، رغم تدخل الجيش اللبناني لصالح الجبهة اللبنانبة، مما أدى إلى انقسام الجيش، انشأ المرحوم الملازم أول احمد الخطيب اول ضابط أعلن انشقاقه عن مؤسسة الجيش، انشأ جيش لبنان العربي وانضم اليه العديد من الضباط الوطنيين من الطائفة المسيحية، كانت مجموعة منهم تقدمت إلى مخيم تل الزعتر، وتموضعت في منطقة رأس الدكوانة، كان مسؤول المجموعة شاب اديب جدا يدعي شهيد وبالفعل استشهد في معركة المخيم رحمه الله، هذه المجموعة قاتلت بشراسة مع المقاومة في المخيم، سقط الدامور نتيجة تعنت الجبهة اللبنانبة ومواصلة إقامة الحواجز بين بيروت والجنوب، حصل ما لم يكن بالحسبان، انقلاب العميد الاحدب في بيروت وإعلان حالة الطوارئ والحكم العرفي تمهيدا لإنهاء حالة الحرب، لكن الانقلاب لم يدوم اكثر من عشرة ايام، لقد استغلت الجبهة اللبنانية هذا الانقلاب واعتبرته موجهاً ضد المؤسسة العسكرية التي أصبحت تحت وصايتها، لتطبق الحصار الكلي على المخيم، ولم تترك منفذا لأهالي المخيم للخروج منه كما هي العادة في كل المعارك والحروب في العالم، حيث تفتح طريق لخروج المدنيين من ارض المعركة، احكمت قبضتها على كافة منافذ المخيم لابادته، لم تستجب لنداء الهيئات والمؤسسات الإنسانية لإخراج المدنيين، ولم تسمح بدخول الأغذية والأدوية قبل المجزرة بحوالي ستة شهور ...
أدرك أبناء المخيم ان قدرهم القتال لاخر رمق، حيث لا حل ولا وسيلة متوفرة لابعاد شبح المعركة، أربعون الف نسمة محاصرين ضمن بقعة جعرافية لا تتجاوز في ابعد الحدود مع البرج العالي مساحة 2كلم،تم قطع الكهرباء عن المخيم، تم قطع الهاتف عن الاخوه اللبنانيين ايضا، حاولت قيادة المقاومة بكل قنوات اتصالها العمل لفك الحصار عن المخيم ولكن عبثا حاولوا، بدات المواد الغذائية تنفذ أكثر فأكثر، كان في جسر الباشا مستودعات تدعى ( مستودعات ايزي كوك) اضطرت الفصائل إلى اقتحام هذه المستودعات واخصار ما يمكن احضاره من مواد تساعد على الصمود، كما كان مستودعاً للحوم المجففة من الغزلان والأغنام، وتحت القصف والرصاص كان المقاتلين يجلبون اللحوم إلى المخيم، أن ظروف الحصار المفروض على المخيم كان يتطلب البحث عن أي مصدر للغذاء، كذلك تم فتح مستودعات ( غُرّه) في تل الزعتر وكانت عبارة عن مستودعات للعدس وحب القنبز وهي بذرة زراعة الحشيس، ستة أشهر من الحصار، ولم يتوقع احد ان تل الزعتر قد يسقط أمام الجبهة اللبنانية لكن تطور الأحداث الإقليمية ساهم في سقوط المخيم بعد ملحمة بطولية سجلها أبناء المخيم بإعتراف بشير الجميل ....
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان )
جرح يأبى النسيان
بقلمي / تغريد الحاج
الحلقة واحد خمسون ...
~~~~~~~~~~~
هذه المجزرة كانت الحد الفاصل للحياة المدنية في قلب العاصمة بيروت، ساحة الشهداء، ساحة البرج، الأسواق التجارية التي يقابلها في الطرف الآخر منطقة الجميزة، الصيفي، الأشرفية، تعطلت المصالح كلها أعقبها دخول القوات المشتركة إلى منطقة الفنادق وطرد عناصر التنظيمات اليمينية المتطرفة، معركة الفنادق التي سيطرت عليها
القوات المشتركة، كانت ضربة للجبهة اللبنانية، في تلك المرحلة بدا يهود وادي ابو جميل مغادرة لبنان عبر البحر ولم يبقى منهم احد، توسعت رقعة المحاور أكثر وأكثر ، كان رد القوات المشتركة على المجزرة قصف عمق المنطقة الشرقية، وقد طال القصف المدفعي مناطق جبل لبنان، في عينطورة وعيون االسيمان وبولونيا ظهور شوير وغيرها من مناطق صنين، حيث كان تواجد قوي للحزب السوري القومي الاجتماعي احد ابرز أحزاب القوات المشتركة في تلك المناطق، اشتدت وتيرة المعارك لتشمل مناطق أخرى في البقاع وخاصة في مدينة زحلة والغرفة الفرنسية في أعالي جبل صنين، لم يعد مجال لإكمال ملاجئ مخيم تل الزعتر نظرا لصعوبة الوصول اليه وادخال مواد بناء او غيره، كثفت الجبهة اللبنانية الحصار على المخيم وفصلته عن مخيم ضبية من جهة وعن منطقة المسلخ وبرج حمود من ناحية أخرى، إضافة إلى أعمال القنص على الطريق الفاصلة بين مخيم تل الزعتر ومخيم جسر الباشا، لكن تدخل بعض الزعامات من المنطقة الشرقية والغريبة لإعادة فتح الطرقات إضافة إلى لجنة الارتباط كانت احيانا ترفع الحواجز الطيارة والثابتة عن الطرقات لساعات معينة أثناء النهار لتعود مجددا أثناء الليل، لكن المخطط الانعزالي لم ينتهي عند هذا الحد رغم كل الوساطات التي كانت بين الاطراف، لم تكن الحركة الوطنية برئاسة الزعيم الدرزي كمال جنبلاط غائبة عن أي قرار، وكذلك حركة أمل بشخص الزعيم المغيب موسى الصدر، وبالمناسبة وبقرار من قيادة فتح تم تدريب أبناء حركة امل في تل الزعتر في ملجأ الحسينية في منطقة رأس الدكوانة، كما كانت إقامة السيد
محمد مهدي شمس الدين وشقيقه، لقد كان تدريبهم على السلاح واللياقة البدنية، وحرب العصابات، رغم ان البعض منهم كانوا من محازبي كامل أحمد الاسعد، تحت اسم أنصار الجيش، لكن حركة أمل كان هدفها ابعادهم عن هذا الحزب الموالي للجبهة اللبنانية، وبالفعل التزم معظمهم تحت لواء حركة المحرومين التي أصبحت حركة أمل ..
نتيجة هذا الحصار الجزئي للمخيم، كان التجار يفقدون الكثير من المواد الغذائية، وبعض المحلات اغلقت ابوابها، كان رئيس الوزراء المرحوم امين الحافظ (ابو رمزي) يقيم في جسر الباشا، شعر بالوضع الذي يعانيه أبناء مخيم تل الزعتر من نقص في المواد الغذائية الأولية وخاصة مادة الطحين مما اضطر الأفران الشعبية أيضا إلى اغلاق أبوابها بإستثناء فرن عبد الغزيز البرجاوي الذي استمر بالعمل لتأمين مادة الخبز لأبناء المخيم، كان عنده في الفرن كمية من الطحين مخزنة، مما كان يسهل الحصول على الخبز إضافة إلى بعض العائلات التي خزنت مواد تموينية منذ بداية الاحداث، معارك الجبل تلك أيضا لم توقف المعارك، ولم يوقف المعارك سقوط الدامور التي تهجر اهلها بالبحر، رغم تدخل الجيش اللبناني لصالح الجبهة اللبنانبة، مما أدى إلى انقسام الجيش، انشأ المرحوم الملازم أول احمد الخطيب اول ضابط أعلن انشقاقه عن مؤسسة الجيش، انشأ جيش لبنان العربي وانضم اليه العديد من الضباط الوطنيين من الطائفة المسيحية، كانت مجموعة منهم تقدمت إلى مخيم تل الزعتر، وتموضعت في منطقة رأس الدكوانة، كان مسؤول المجموعة شاب اديب جدا يدعي شهيد وبالفعل استشهد في معركة المخيم رحمه الله، هذه المجموعة قاتلت بشراسة مع المقاومة في المخيم، سقط الدامور نتيجة تعنت الجبهة اللبنانبة ومواصلة إقامة الحواجز بين بيروت والجنوب، حصل ما لم يكن بالحسبان، انقلاب العميد الاحدب في بيروت وإعلان حالة الطوارئ والحكم العرفي تمهيدا لإنهاء حالة الحرب، لكن الانقلاب لم يدوم اكثر من عشرة ايام، لقد استغلت الجبهة اللبنانية هذا الانقلاب واعتبرته موجهاً ضد المؤسسة العسكرية التي أصبحت تحت وصايتها، لتطبق الحصار الكلي على المخيم، ولم تترك منفذا لأهالي المخيم للخروج منه كما هي العادة في كل المعارك والحروب في العالم، حيث تفتح طريق لخروج المدنيين من ارض المعركة، احكمت قبضتها على كافة منافذ المخيم لابادته، لم تستجب لنداء الهيئات والمؤسسات الإنسانية لإخراج المدنيين، ولم تسمح بدخول الأغذية والأدوية قبل المجزرة بحوالي ستة شهور ...
أدرك أبناء المخيم ان قدرهم القتال لاخر رمق، حيث لا حل ولا وسيلة متوفرة لابعاد شبح المعركة، أربعون الف نسمة محاصرين ضمن بقعة جعرافية لا تتجاوز في ابعد الحدود مع البرج العالي مساحة 2كلم،تم قطع الكهرباء عن المخيم، تم قطع الهاتف عن الاخوه اللبنانيين ايضا، حاولت قيادة المقاومة بكل قنوات اتصالها العمل لفك الحصار عن المخيم ولكن عبثا حاولوا، بدات المواد الغذائية تنفذ أكثر فأكثر، كان في جسر الباشا مستودعات تدعى ( مستودعات ايزي كوك) اضطرت الفصائل إلى اقتحام هذه المستودعات واخصار ما يمكن احضاره من مواد تساعد على الصمود، كما كان مستودعاً للحوم المجففة من الغزلان والأغنام، وتحت القصف والرصاص كان المقاتلين يجلبون اللحوم إلى المخيم، أن ظروف الحصار المفروض على المخيم كان يتطلب البحث عن أي مصدر للغذاء، كذلك تم فتح مستودعات ( غُرّه) في تل الزعتر وكانت عبارة عن مستودعات للعدس وحب القنبز وهي بذرة زراعة الحشيس، ستة أشهر من الحصار، ولم يتوقع احد ان تل الزعتر قد يسقط أمام الجبهة اللبنانية لكن تطور الأحداث الإقليمية ساهم في سقوط المخيم بعد ملحمة بطولية سجلها أبناء المخيم بإعتراف بشير الجميل ....
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق