تل الزعتر...
جرح يأبى النسيان
بقلمي / تغريد الحاج
الحلقة التاسعة وخمسون
...
~~~~~~~~~~~~~~
لقد بدات الذخيرة تنفذ شيئا فشيئا لدى مقاتلي المخيم، بسبب الهجمات المتتالية على محاور المخيم والصمود الغير مسبوق في مثل هذه المعارك، كان الدفاع عن المخيم دفاع المستميت، ليس لجغرافية المخيم فهو بالنهاية ارض لبنانية، لكن لما كان يمثله المخيم من رمزية نضالية للقضية الفلسطينية اولاً، ودفاعاً عن العرض والشرف، فمن المعروف عن مقاتلي الجبهة اللبنانية انهم يقاتلون تحت تأثير الكحول والمخدرات خاصة زعران ابو الأرز ومارون الباش والتعليمات التي كانت تصدر لهم بالقتل والاغتصاب والسلب والنهب، كانوا يعتبرون أن هذه الأعمال هي غنائم معركة، لكنهم خسئوا، لم يتمكنوا بعد مرور أكثر من شهر على المعارك ان يحققوا اي تقدم باتجاه المخيم، رغم ان الذخيرة بدأت تنفذ من المخيم، والتموين الذي هو مصدر الغذاء الوحيد للمقاتلين بدأ بالنفاذ، كانت التعليمات واضحة من حركة فتح ان هذا التموين للمقاتلين على المحاور فقط، مرة أخرى تم تكسير مواسير المياه رغم قربها من مواقع الكتائب، الا ان المقصود كان حرمان المخيم من أي قطرة ماء، في هذا الوقت شنت القوات المهاجمة، هجوما موسعا باتجاه المخيم، عن طريق دير الراعي الصالح باتجاه مصنع جورج متى للمفروشات، حيث تمكنت القوة المهاجمة ولاول مرة اختراق المخيم وارتكبت مجزرة في ملجأ المصنع، حتى انها قتلت إحدى العائلات الدامورية المسيحية، لقد كان رب الاسرة اعتقد اسمه الياس الداموري، كان مقربا من حركة فتح، هذه المجزرة التي ذهب ضحيتها أكثر من 30 مدنيا معظمهم من النساء والأطفال، لقد استبسلت القوات المشتركة لرد هذا الاختراق، هذا المحور الذي كان يقوده المرحوم النقيب بدر قائد قوات التحرير الشعبية في جيش التحرير الفلسطيني أوقع بالمهاجمين خسائر فادحة أثناء انسحابهم، استشهد النقيب بدر في هذه العملية وعدد من المقاتلين، كانت معركة هذا المحور من أشرس معارك الالتحام بين المتقاتلين، بدات الذخيرة تنفذ من كل المواقع ومن معظم الفصائل الفلسطينية كما كان لاستشهاد ابو ابراهيم في وقت سابق تاثيرا كبيرا على المخيم ...
قررت الفصائل الاتصال بتنظيم الصاعقة الذي كان عنده مخزون هائل من الذخيرة، طلبوا تزويدهم بالذخيرة كي لا يسقط المخيم بيد القوى الانعزالية، تم فتح مستودعات الأسلحة الخاصة بالصاعقة لمسؤولي فتح والجبهة الديمقراطية، وكذلك اصدرت قيادة الصاعقة بيانا تستنكر الموقف السوري وتعلن تأييدها لمنظمة التحرير الفلسطينية، هذا الموقف عزز من صمود المخيم، كان البعض يراهن على أن الصاعقة لم تشارك في المعارك ولكن الموقف الوطني لقيادة الصاعقة في المخيم كان مغايراً تماماً، كانت القيادة الفلسطينية في بيروت وجبل لبنان تحث قيادة تل الزعتر على الصمود بإنتظار فتح طريق للوصول إلى المخيم، كان هذا الأمل الوحيد لأبناء تل الزعتر، ان فتح طريق إلى المخيم من موقع امن يعني انتصار المخيم، وفك الحصار عنه، لم يكن هدف أبناء المخيم وقف المعارك رغم كل الظروف المأساوية، بل كان الهدف من فتح الطريق هو ادخال الأدوية والطعام والذخيرة إلى المخيم، لكن ذلك لم يحصل، اشتدت المعارك على مختلف المحاور بعد مقتل وليم حاوي، الصواريخ والقذائف التي اطلقت على المخيم أدت إلى استشهاد القائد المرحوم ابو ابراهيم مسؤول المقاومات الأرضية للمخيم ....
كان يوما حزينا ذلك اليوم، صدقوني أن اليمام كان يرفرف فوق موقع المضادات الأرضية حين استشهاد ابو ابراهيم، لا أحد يعرف كيف هذا السرب من اليمام غطى فجأة مكان استشهاده، ثم غادر السرب سماء المخيم حزينا، كان يوما كئيبا بكل معنى الكلمة، إضافة إلى نفاذ كمية كبيرة من الذخيرة، فقد المخيم أيضا درعا من دروع الدفاع عنه، عندما كانت المضادات تطلق رصاصاتها التي كأن يسمع ازيزها في كل المناطق الشرقية، كانت كل مواقع ومناطق الانعزاليين تعيش في الظلام صامتة، كان هذا الموقع اهم من قذائف الهاون التي كانت تطلق من الجبل، كان يوم فرح لدى الجبهة اللبنانية يوم استشهد الأخ أبو ابراهيم، لكن هذا الاستشهاد كان دافعا لبعض المقاتلين لخوص عمليات استشهادية فردية قرب موقع المضادات الأرضية، وكان هذا حال الشهيد محمود الخطيب ابو عماد شقيق ابو امل، حين تمكن من القضاء على مجموعة مهاجمة من مفرق كنيدر قبل استشهاده، أصاب حزب الكتائب وحزب الوطنيين الأحرار حالة من الجنون والهستيريا، كانوا يقولون، كلما ازدادت الهجمات على المخيم، كلما ازداد الفلسطينيين صلابة في القتال، هذه الاحزاب دفعت المزيد من مقاتليها إلى أرض المعركة، كانت غرفة عمليات الكتائب في الدكوانة وغرفة عمليات حزب الوطنيين الأحرار في بيت مري، كان في بداية المعركة يوجد ضباط اغراب في مقر الكتائب في الدكوانة، كانت تساعد في التخطيط والتوجيه، وإعطاء الأحداثيات لسلاح المدفعية والراجمات لتركيز القصف على المخيم، تمهيدا لليلة سقوط المخيم ...
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان )
جرح يأبى النسيان
بقلمي / تغريد الحاج
الحلقة التاسعة وخمسون
...
~~~~~~~~~~~~~~
لقد بدات الذخيرة تنفذ شيئا فشيئا لدى مقاتلي المخيم، بسبب الهجمات المتتالية على محاور المخيم والصمود الغير مسبوق في مثل هذه المعارك، كان الدفاع عن المخيم دفاع المستميت، ليس لجغرافية المخيم فهو بالنهاية ارض لبنانية، لكن لما كان يمثله المخيم من رمزية نضالية للقضية الفلسطينية اولاً، ودفاعاً عن العرض والشرف، فمن المعروف عن مقاتلي الجبهة اللبنانية انهم يقاتلون تحت تأثير الكحول والمخدرات خاصة زعران ابو الأرز ومارون الباش والتعليمات التي كانت تصدر لهم بالقتل والاغتصاب والسلب والنهب، كانوا يعتبرون أن هذه الأعمال هي غنائم معركة، لكنهم خسئوا، لم يتمكنوا بعد مرور أكثر من شهر على المعارك ان يحققوا اي تقدم باتجاه المخيم، رغم ان الذخيرة بدأت تنفذ من المخيم، والتموين الذي هو مصدر الغذاء الوحيد للمقاتلين بدأ بالنفاذ، كانت التعليمات واضحة من حركة فتح ان هذا التموين للمقاتلين على المحاور فقط، مرة أخرى تم تكسير مواسير المياه رغم قربها من مواقع الكتائب، الا ان المقصود كان حرمان المخيم من أي قطرة ماء، في هذا الوقت شنت القوات المهاجمة، هجوما موسعا باتجاه المخيم، عن طريق دير الراعي الصالح باتجاه مصنع جورج متى للمفروشات، حيث تمكنت القوة المهاجمة ولاول مرة اختراق المخيم وارتكبت مجزرة في ملجأ المصنع، حتى انها قتلت إحدى العائلات الدامورية المسيحية، لقد كان رب الاسرة اعتقد اسمه الياس الداموري، كان مقربا من حركة فتح، هذه المجزرة التي ذهب ضحيتها أكثر من 30 مدنيا معظمهم من النساء والأطفال، لقد استبسلت القوات المشتركة لرد هذا الاختراق، هذا المحور الذي كان يقوده المرحوم النقيب بدر قائد قوات التحرير الشعبية في جيش التحرير الفلسطيني أوقع بالمهاجمين خسائر فادحة أثناء انسحابهم، استشهد النقيب بدر في هذه العملية وعدد من المقاتلين، كانت معركة هذا المحور من أشرس معارك الالتحام بين المتقاتلين، بدات الذخيرة تنفذ من كل المواقع ومن معظم الفصائل الفلسطينية كما كان لاستشهاد ابو ابراهيم في وقت سابق تاثيرا كبيرا على المخيم ...
قررت الفصائل الاتصال بتنظيم الصاعقة الذي كان عنده مخزون هائل من الذخيرة، طلبوا تزويدهم بالذخيرة كي لا يسقط المخيم بيد القوى الانعزالية، تم فتح مستودعات الأسلحة الخاصة بالصاعقة لمسؤولي فتح والجبهة الديمقراطية، وكذلك اصدرت قيادة الصاعقة بيانا تستنكر الموقف السوري وتعلن تأييدها لمنظمة التحرير الفلسطينية، هذا الموقف عزز من صمود المخيم، كان البعض يراهن على أن الصاعقة لم تشارك في المعارك ولكن الموقف الوطني لقيادة الصاعقة في المخيم كان مغايراً تماماً، كانت القيادة الفلسطينية في بيروت وجبل لبنان تحث قيادة تل الزعتر على الصمود بإنتظار فتح طريق للوصول إلى المخيم، كان هذا الأمل الوحيد لأبناء تل الزعتر، ان فتح طريق إلى المخيم من موقع امن يعني انتصار المخيم، وفك الحصار عنه، لم يكن هدف أبناء المخيم وقف المعارك رغم كل الظروف المأساوية، بل كان الهدف من فتح الطريق هو ادخال الأدوية والطعام والذخيرة إلى المخيم، لكن ذلك لم يحصل، اشتدت المعارك على مختلف المحاور بعد مقتل وليم حاوي، الصواريخ والقذائف التي اطلقت على المخيم أدت إلى استشهاد القائد المرحوم ابو ابراهيم مسؤول المقاومات الأرضية للمخيم ....
كان يوما حزينا ذلك اليوم، صدقوني أن اليمام كان يرفرف فوق موقع المضادات الأرضية حين استشهاد ابو ابراهيم، لا أحد يعرف كيف هذا السرب من اليمام غطى فجأة مكان استشهاده، ثم غادر السرب سماء المخيم حزينا، كان يوما كئيبا بكل معنى الكلمة، إضافة إلى نفاذ كمية كبيرة من الذخيرة، فقد المخيم أيضا درعا من دروع الدفاع عنه، عندما كانت المضادات تطلق رصاصاتها التي كأن يسمع ازيزها في كل المناطق الشرقية، كانت كل مواقع ومناطق الانعزاليين تعيش في الظلام صامتة، كان هذا الموقع اهم من قذائف الهاون التي كانت تطلق من الجبل، كان يوم فرح لدى الجبهة اللبنانية يوم استشهد الأخ أبو ابراهيم، لكن هذا الاستشهاد كان دافعا لبعض المقاتلين لخوص عمليات استشهادية فردية قرب موقع المضادات الأرضية، وكان هذا حال الشهيد محمود الخطيب ابو عماد شقيق ابو امل، حين تمكن من القضاء على مجموعة مهاجمة من مفرق كنيدر قبل استشهاده، أصاب حزب الكتائب وحزب الوطنيين الأحرار حالة من الجنون والهستيريا، كانوا يقولون، كلما ازدادت الهجمات على المخيم، كلما ازداد الفلسطينيين صلابة في القتال، هذه الاحزاب دفعت المزيد من مقاتليها إلى أرض المعركة، كانت غرفة عمليات الكتائب في الدكوانة وغرفة عمليات حزب الوطنيين الأحرار في بيت مري، كان في بداية المعركة يوجد ضباط اغراب في مقر الكتائب في الدكوانة، كانت تساعد في التخطيط والتوجيه، وإعطاء الأحداثيات لسلاح المدفعية والراجمات لتركيز القصف على المخيم، تمهيدا لليلة سقوط المخيم ...
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق