تل الزعتر...
جرح يأبى النسيان
بقلمي / تغريد الحاج
الحلقة واحد وستين
...
~~~~~~~~~~~~
رفضت قيادة الكتائب وساطة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، بفتح ممر آمن للمدنيين للخروج من تل الزعتر تحت رعاية الصليب الأحمر او اي جهة مدنية لبنانية، لكنها وافقت على دخول الصليب الأحمر إلى المخيم لنقل الجرحى، كانت هذه الموافقة المبطنة بالكذب والخداع، كان الهدف منها القبض على الجرحى والأنقضاض عليهم لقتلهم، كان قرار الجبهة اللبنانية أن لا يخرج اي شخص من تل الزعتر، كان ذلك مع بداية شهر آب 1976، كان المقاتلين حذرين جداً مع موضوع الصليب الأحمر اللبناني او الدولي حيث لا ضمانات من هذه الجهات بوصول المصابين إلى بيروت الغربية، رغم اعداد اللوائح بأسماء الجرحى الذبن سيغادرون المخيم ومعظمهم من النساء والأطفال الذين أصيبوا اصابات خطرة إثناء معارك تل الزعتر، حين تم سؤال مسؤولي الصليب الأحمر عن ضمانات للجرحى اجابوا بكل وضوح :
《ليس لدينا أي ضمان من قادة الكتائب وغيرهم، لكننا سنعمل جهدنا على تأمين الطريق للجرحى 》ولقد تأخر عدة مرات دخول سيارات الصليب الأحمر إلى المخيم، في الوقت الذي نفذت كل الادوية وكل وسائل العلاج لدي أطباء المخيم، الذين بدأوا ومنذ فترة استعمال الماء والملح لتعقيم الجروح واستعمال قطع اقمشة بدل القطن والشاش المعقم، كل ما يتعلق بالطبابة فُقد في مخيم تل الزعتر، وكثيرين جدا استشهدوا لعدم توفر الأدوية وخاصة ابر البنج والمضادات الحيوية حتى حبوب الاسبرو فقدت بالكامل ....
إزدات المعارك والقصف المركز على المخيم حتى طال حفرة كانت تجمع بها جثث الشهداء الذين كانوا يسقطون دفاعا عن المخيم، فقد طال هذه الحفرة صواريخ جعل جثث الشهداء تتطاير في الهواء !!!
لم يعد مكانا آمنا لا بالمخيم ولا بالابنية المحيطة به والتي تهدم قسم كبير منها فوق الملاجئ المكتظة بالمدنيين، وفي إحدى الملاجئ الذي إنهار نتيجة القصف، والذي ذهب ضحية هذا الأنهيار أكثر من خمسمائة مواطن مدني، كثرت الإصابات اكثر واكثر، وكلها أصابات قاتلة في الصدر او الرأس نتيجة الاشتباكات عن قرب، وكذلك الامر بالنسبة لتعبئة الماء، معظم النسوة استشهدوا عند بئر الماء او عند حنفية الماء المقابلة لجهة مستودعات غرة من ناحية الدكوانة، المنطقة مكشوفة، والقناصة تتحين الفرص لقتل اي انسان يقترب من الماء، كانت تعبئة الماء في الفترة الاخيرة أشبه بعملية انتحارية، لكن ما الحل؟؟؟!!!
المخيم أصبح ركاما بعد أثر، وكلما مضى يوماً كان مقاتلي الجبهة اللبنانية يمعنون في قطع مواسير المياه لتصبح أقرب عليهم، فشلت كل الوساطات الداخلية من المخيم والخارجية من قيادة المقاومة بما فيها وساطة المناضل أبو اللطف مع القيادة السورية لوقف إطلاق النار والسماح للمدنيين بالخروج من المخيم حيث كل هذه الوساطات باءت بالفشل ولم يستجب اي طرف لهذا النداء ....
ما العمل في ظل هذا الوضع الذي لا يحسد عليه في المخيم، برقية القيادة اصبحت واضحة، تسرب إلى الشارع مضمون البرقية، انقسمت الفصائل فيما بينها، قسم كان يقول بان لا يخرج اي مقاتل من المخيم مهما كلف الأمر، وقسم كان يقول لم يعد بالإمكان ضبط الوضع اكثر، فمن يريد من المقاتلين الخروج من المخيم فليخرج على مسؤوليته اذا كان يعرف طريقا للخروج عبر الجبل، بعض الشباب بدأوا يشكلون مجموعات صغيرة للخروج من المخيم، بعضها كان يسلك طرقات لقرى غير مأهولة معظم اهلها في بيروت، منهم من كان يصل إلى مقر القيادة في عاليه، ومنهم من ضاع في الطرقات ولم يعرف عنه شيء لغاية الآن، ومنهم من استشهد على الكمائن المنصوبة على بعض الطرق ومنهم من كان يعود إدراجه إلى المخيم مصاباً أو بدون سلاح !!!!
تنبهت قيادة الجبهة اللبنانية لهذا الامر، فكثفت دورياتها بشكل لم يسبق له مثيل، كانت الآليات العسكرية على منطقة المكلس/ المنصورية / بيت مري، متراصة كأسنان المشط، بحيث لم يعد مجال لنفاذ اي مجموعة من تل الزعتر، لقد لعب الضابط الذي سلم نفسه للكتائب دورا هاما في عرقلة نفاذ المجموعات عندما أعلم قيادة الكتائب عن أن مجموعات تسلك هذه الطريق عند خروجها من المخيم، وهي بالمناسبة نفس الطريق الذي تمكن عدد من مقاتلي فتح سلوكه أثناء الحصار قادمين من بيروت وجبل لبنان أثناء الحصار ....
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان )
جرح يأبى النسيان
بقلمي / تغريد الحاج
الحلقة واحد وستين
...
~~~~~~~~~~~~
رفضت قيادة الكتائب وساطة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، بفتح ممر آمن للمدنيين للخروج من تل الزعتر تحت رعاية الصليب الأحمر او اي جهة مدنية لبنانية، لكنها وافقت على دخول الصليب الأحمر إلى المخيم لنقل الجرحى، كانت هذه الموافقة المبطنة بالكذب والخداع، كان الهدف منها القبض على الجرحى والأنقضاض عليهم لقتلهم، كان قرار الجبهة اللبنانية أن لا يخرج اي شخص من تل الزعتر، كان ذلك مع بداية شهر آب 1976، كان المقاتلين حذرين جداً مع موضوع الصليب الأحمر اللبناني او الدولي حيث لا ضمانات من هذه الجهات بوصول المصابين إلى بيروت الغربية، رغم اعداد اللوائح بأسماء الجرحى الذبن سيغادرون المخيم ومعظمهم من النساء والأطفال الذين أصيبوا اصابات خطرة إثناء معارك تل الزعتر، حين تم سؤال مسؤولي الصليب الأحمر عن ضمانات للجرحى اجابوا بكل وضوح :
《ليس لدينا أي ضمان من قادة الكتائب وغيرهم، لكننا سنعمل جهدنا على تأمين الطريق للجرحى 》ولقد تأخر عدة مرات دخول سيارات الصليب الأحمر إلى المخيم، في الوقت الذي نفذت كل الادوية وكل وسائل العلاج لدي أطباء المخيم، الذين بدأوا ومنذ فترة استعمال الماء والملح لتعقيم الجروح واستعمال قطع اقمشة بدل القطن والشاش المعقم، كل ما يتعلق بالطبابة فُقد في مخيم تل الزعتر، وكثيرين جدا استشهدوا لعدم توفر الأدوية وخاصة ابر البنج والمضادات الحيوية حتى حبوب الاسبرو فقدت بالكامل ....
إزدات المعارك والقصف المركز على المخيم حتى طال حفرة كانت تجمع بها جثث الشهداء الذين كانوا يسقطون دفاعا عن المخيم، فقد طال هذه الحفرة صواريخ جعل جثث الشهداء تتطاير في الهواء !!!
لم يعد مكانا آمنا لا بالمخيم ولا بالابنية المحيطة به والتي تهدم قسم كبير منها فوق الملاجئ المكتظة بالمدنيين، وفي إحدى الملاجئ الذي إنهار نتيجة القصف، والذي ذهب ضحية هذا الأنهيار أكثر من خمسمائة مواطن مدني، كثرت الإصابات اكثر واكثر، وكلها أصابات قاتلة في الصدر او الرأس نتيجة الاشتباكات عن قرب، وكذلك الامر بالنسبة لتعبئة الماء، معظم النسوة استشهدوا عند بئر الماء او عند حنفية الماء المقابلة لجهة مستودعات غرة من ناحية الدكوانة، المنطقة مكشوفة، والقناصة تتحين الفرص لقتل اي انسان يقترب من الماء، كانت تعبئة الماء في الفترة الاخيرة أشبه بعملية انتحارية، لكن ما الحل؟؟؟!!!
المخيم أصبح ركاما بعد أثر، وكلما مضى يوماً كان مقاتلي الجبهة اللبنانية يمعنون في قطع مواسير المياه لتصبح أقرب عليهم، فشلت كل الوساطات الداخلية من المخيم والخارجية من قيادة المقاومة بما فيها وساطة المناضل أبو اللطف مع القيادة السورية لوقف إطلاق النار والسماح للمدنيين بالخروج من المخيم حيث كل هذه الوساطات باءت بالفشل ولم يستجب اي طرف لهذا النداء ....
ما العمل في ظل هذا الوضع الذي لا يحسد عليه في المخيم، برقية القيادة اصبحت واضحة، تسرب إلى الشارع مضمون البرقية، انقسمت الفصائل فيما بينها، قسم كان يقول بان لا يخرج اي مقاتل من المخيم مهما كلف الأمر، وقسم كان يقول لم يعد بالإمكان ضبط الوضع اكثر، فمن يريد من المقاتلين الخروج من المخيم فليخرج على مسؤوليته اذا كان يعرف طريقا للخروج عبر الجبل، بعض الشباب بدأوا يشكلون مجموعات صغيرة للخروج من المخيم، بعضها كان يسلك طرقات لقرى غير مأهولة معظم اهلها في بيروت، منهم من كان يصل إلى مقر القيادة في عاليه، ومنهم من ضاع في الطرقات ولم يعرف عنه شيء لغاية الآن، ومنهم من استشهد على الكمائن المنصوبة على بعض الطرق ومنهم من كان يعود إدراجه إلى المخيم مصاباً أو بدون سلاح !!!!
تنبهت قيادة الجبهة اللبنانية لهذا الامر، فكثفت دورياتها بشكل لم يسبق له مثيل، كانت الآليات العسكرية على منطقة المكلس/ المنصورية / بيت مري، متراصة كأسنان المشط، بحيث لم يعد مجال لنفاذ اي مجموعة من تل الزعتر، لقد لعب الضابط الذي سلم نفسه للكتائب دورا هاما في عرقلة نفاذ المجموعات عندما أعلم قيادة الكتائب عن أن مجموعات تسلك هذه الطريق عند خروجها من المخيم، وهي بالمناسبة نفس الطريق الذي تمكن عدد من مقاتلي فتح سلوكه أثناء الحصار قادمين من بيروت وجبل لبنان أثناء الحصار ....
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق