الجمعة، 22 مارس 2019

تل الزعتر... جرح يأبى النسيان بقلمي / تغريد الحاج الحلقة اثنان وخمسين

تل الزعتر...
جرح يأبى النسيان
بقلمي /  تغريد الحاج
الحلقة اثنان وخمسين
...
~~~~~~~~~~~
معركة الدامور في بداية العام 76، كان لا بد منها، لم يكن امام المقاومة الفلسطينية خيار آخر، الدامور تقع مباشرة على الخط الدولي بين الجنوب وبيروت، كان هدف المقاومة الفلسطينية الحفاظ على هذه الطريق مفتوحة بين المنطقتين في الوقت الذي كانت القوات الانعزالية تقطع الطريق وتمنع وتقتل اي فلسطيني يحاول التنقل عليها، سقطت بلدة الدامور بأيدي القوات المشتركة، لم يكن هناك اي هدف آخر او مطمع بالدامور، لكن بعد تلك المرحلة بدأت الجبهة اللبنانيه تركيز كل قدراتها العسكرية في المنطقة الشرقية، لقد تعرض مقاتليها لسيارة  تحمل بعض المواد الغذائية قادمة من بيروت الغربية إلى مخيم تل الزعتر، تم التعرض لها وإطلاق النار عليها مما أدى إلى إصابة  السائق بعدة طلقات نارية في ساقه، لكنه تمكن من الوصول إلى المخيم، جرى ذلك في منطقة حرش ثابت التي يفصلها عن المخيم  مسافة نصف كلم مما اضطر مقاتلي تل الزغتر من الرد واقتحام حرش ثابت وطرد مقاتلي الجبهة اللبنانية منه، لقد تقدم مقاتلي المخيم باتجاه مشاتل عزام، واتخذوا من إحدى البنايات مقرا لهم، لكن الاتصالات بين كافة الاطراف أثمرت عن عودة المقاتلين إلى المخيم وعدم بقائهم في حرش ثابت او اي موقع اخر كي لا يكون ضحية هجوم مباغت لقوات الطرف الاخر، خلال تنفيذ التعليمات الصادرة لهم وخلال انسحابهم تعرضوا لهجوم مما أدى لوقوع عدد من الشهداء والجرحى في صفوف المقاومة الفلسطينية، لم يعد يوجد أي مجال للتفاهم او لعمل لجان الارتباط بعد ذلك، حيث اصبح ضباط الارتباط الفلسطينيين عرضة للقتل او الاعتقال الجبهة اللبنانية تعمدت قطع الاتصالات مع المقاومة والحركة الوطنية، او عدم تنفيذ اي مطلب لهم، لقد قررت الجبهة اللبنانية خوض المعركة  لتطهير المنطقة الشرقية من الوجود الوطني اللبناني الفلسطيني مهما كلفها الثمن، كان هدفها اقامة كانتون ماروني في المنطقة الشرقية وجبل لبنان لتعلن جمهوريتها الخاصة التي تمتد من حي خط التماس في منطقة المتحف وصولا إلى اعالي جبل كسروان وجبل صنين، رغم ان المساحة الجغرافية لا تسمح بذلك، لتداخل المناطق  بعضها ببعض، كان هذا الهدف يخدم الفكر الصهيوني بتقسيم البلاد العربية بدءأ من لبنان، لقد استعانت الجبهة اللبنانية  بإسرائيل عسكريا، لإرسال وحدات صهيونية للإسراع بإنهاء المعركة في المنطقة الشرقية، كانت شواطئ المنطقة الشرقية جاهزة لاستقبال هذه الوحدات، لكن إسرائيل غير مستعدة ان تضحي بجندي إسرائيلي في لبنان في تلك الفترة  لعدة أسباب اهمها، إن إسرائيل لم تنسى خسائرها في حرب تشرين73 ولا تريد الدخول مباشرة في الحرب الأهلية اللبنانية كي لا تتحول إلى حرب إقليمية، والسبب الاخر والأهم هو، أن أنور السادات كان يبحث في قنوات سياسية عبر الوسطاء  للتمهيد لزيارة تل أبيب وإقامة صلح مع العدو الصهيوني، ففي حال شاركت إسرائيل بهذه الحرب سوف تخسر مصر وتتحول المعركة إلى حرب ضد اسرائيل تقودها  سوريا بمساعدة العراق وليبيا واليمن والمغرب على غرار حرب 73، لقد اوعزت الإدارة الأميركية للكيان الصهيوني بالتريث وعدم الدخول بهذه الحرب بشكل علني، فما كان من أسرائيل سوى الاعلان الكاذب بأنها تنأي بنفسها الدخول في هذا الصراع، الجبهة اللبنانية كانت تدرك انها وحدها عاجزة عن اسقاط مخيم تل الزعتر المحاصر، في الوقت الذي كانت القوات المشتركة تتقدم باتجاه جبل لبنان للسيطرة على عدد من المناطق الانعزالية لمنع إقامة هذا الكانتون الانعزالي، كان تقدم القوات المشتركة  يتم بسرعة هائلة، حتى سيطرت هذه القوات على 80%من مساحة لبنان، تم محاصرة الجبهة اللبنانيه في منطقة كسروان جرود منطق جبيل والساحل الممتد من برج حمود وصولا إلى منطقة شكا في الشمال، كان تل الزعتر هو المحور الرئيسي في معركة الجبهة اللبنانية، حاصرت مخيم صبية وهجرت اهله ألى بيروت الغربية ، احكم الحصار وتقطيع أوصال المخيم مع أطرافه، ورغم ذلك فشلت الجبهة في احكام سيطرتها على المخيم، وقفت عاجزة عن اسقاط المخيم او استسلامه بعد ستة شهور من الحصار، كان لا بد لها من ايجاد حليف يساعدها في ذاك بعد ان رفض الصهاينة يكون شريكا علنيا لها، الإدارة الأميركية بالنيابة عن الصهاينة بدأت مشاوراتها مع سوريا لإنهاء الأزمة اللبنانية وإنهاء المعارك على ارضه، كانت هذه  الفرصة التي تنتظرها  سورية منذ عدة سنوات  لبسط سيطرتها على لبنان عسكريا، خاصة بعد حربي 67/73 عندما كانت الأجواء اللبنانية مفتوحة أمام الطيران الحربي الإسرائيلي للاغارة في أي وفت يشاء على الأراضي السورية،  ولتضمن أن لبنان لم يعد يفكر بالارتماء في حضن اسرائيل مرة اخرى،  ولكن كيف تنهي سوريا حالة الحرب هذه وليس لها أي علاقة او اي قنوات مع الجبهة اللبنانية، كان لا بد من موافقتها على دخول سوريا إلى لبنان، وبالفعل استنجدت بسوريا عبر الرئيس سليمان فرنجية، لقد طرحت سوربا مبادرتها لإنهاء الحرب، وهي عودة كل طرف إلى مواقعه السابقة وضمان عدم معارضة المبادرة السورية من كل الأطراف، وان اي طرف يعارض هذه المبادرة ويضع العراقيل أمامها، فلن تقف سوريا مكتوفة الايدي أمامه ....

📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة 
                    من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان  )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق