" المسيرة مستمره "
للمناضل الزعتري الأصيل
ابوسهيل كروم ...
بقلمي/ تغريد الحاج
الحلقة الثانيه ....
---------------------------
إن لم تكن ذئبا ...
عدنا إلى المخيم في ظلِّ هذه الظروف القاسية لم يمضي على وجودنا في المخيم (البداوي) أكثر من ستة أشهر ما بين الرحيل من البقاع وبين معركة طرابلس، كان معرفتنا بأهل المخيم قليله حيث كان تطور الأحداث اكبر من الجميع، لكن عودتنا اختلفت عن الفترة السابقة، بتنا نرى وجوه لم نألفها من قبل ونحن الضائعون بين انقلاب المشهد السياسي والعسكري وبين انهمار المطر بلا بيوت نقطنها، والحذر والخوف بات شريكُ يومنا، فمن كان بالأمسِ أخا ورفيقا أصبح اليوم بينه وبينك وادٍ سحيق من اختلاف وجهات النظر والتحالفات، وجوه في المخيم لم نالفها من قبل مدججة بالسلاح لا تعرف من هذا ومع من ذاك، كل ما نعرفه هو ممنوع ان تقول عرفات والا مصيرك الاعتقال والإهانة، فقط لمجرد انك تحب الشهيد ابو عمار وترفض التغيير الذي حصل، عرفاتي تلك الصفة كانت كافية لان تختفي عن المخيم وربما عن الحياة، كثيرون تعرضوا للأهانة الجسدية والنفسية نتيجة انهم كانوا في فتح ويحبون ابو عمار، رجال مسنين ومدرسين وصبايا من التنظيم تم التنكيل بهم بإسم زمرة عرفات، تنظيمات حاولت من جديد فرض هيمنتها بقوة السلاح والترهيب، أمام هذا الواقع.
عاد العم ابوسهيل الى المخيم، وتحملوا الشتاء ووحل الطريق في مجمع السكن الغير مكتمل والغير صالح للسكن. لا حمامات لا غرف للمطابخ لا مياه لا كهرباء، كل شيء كان يشير إلى فقدان مقومات الحياة، ولكن ما الحل أمام هذا الواقع الجديد، لم يكن أمامهم من حل سوا إثبات وجودهم وقبول التحديات وسياسة الأمر الواقع، فإما ان يكون لهم مكاناً أو يصبحون كالنعاج التي تساق بعصاً لا حول لها ولا قوه
( هكذا يصف الأخ ابو سهيل تلك المرحله) ....
لم يكن الخوف من الفصائل فقط بل كان الخوف مَن كان يقف خلف هذه الفصائل بقوة الحديد والنار، يريدون إثبات وجودهم بأي شكل من الأشكال وممارسة القمع الفكري وقمع الفكرة بحد ذاتها، كانوا يعتقدون أن انتزاع مكانة ومحبة الشهيد ابو عمار من صدور أبناء حركة فتح بالقوة وللأسف بإسم. فتح، لم يكن أمام ابناء مخيم تل الزعتر في الشمال الا الوحدة، بغض النظر عن الانتماء التنظيمي لهذا او ذاك، كان الهدف اثبات وجود أمام هذه الحالة الغريبة عن عادات وتقاليد شعبنا الفلسطيني على مدار سنوات الثورة التي سبقت تلك المرحلة ...
بادر المناضل أبو سهيل وابن عمه الشهيد عادل ابو السعود وعدد من ابناء تل الزعتر الذين يمثلون الطيف السياسي بكل انتماءاتهم إلى عقد اجتماع فيما بينهم واتخاذ خطوات جريئه لحفظ كرامتهم وفي طليعتها عدم السماح لأي فصيل بإعتقال اي شاب من ابناء تل الزعتر الا من خلال وجهاء ومرجعيتهم تحت أي ظرف من الظروف، وقد تمت المبادره إلى تشكيل لجنة قوامها 12 عضوا من ابناء تل الزعتر، لتكون المرجعيه وتكون ممثلة باللجان الشعبيه ومعترف بها من كل الفصائل، منعاً لأي احتكاك بين الفصائل وبين مجمع السكن الذي أطلقنا عليه مسمى حي المهجرين، وما زال هذا الاسم قائما حتى الان ...
إن أكبر تجمع لمهجري تل الزعتر بعد الاجتياح. عام 82.، كان في منطقة الشمال وتحديدا في مخيم البداوي، كان تجمع المهجرين منقسماً ضمن بقعة جغرافية داخل المخيم قرب مدارس الأونروا وتجمع آخر في قطعة الأرض التي اشترتها منظمة التحرير الفلسطينية، لبناء سكن لائق حديث لتجمع أبناء مخيم تل الزعتر، قبل معركة طرابلس كانت بداية العمل بهذا المشروع وقد وضع اساس للبناء العامودي حيث كل مبنى مكون من مستودعات وثلاث طوابق لتستوعب السكان وبناء مدرسة ومشفى على قطعة الأرض التي تبلغ مساحتها حوالي 5600م الا ان المعركة قضت على هذا الحلم نهائيا بعد خروج الشهيد ابو عمار من الشمال حاولوا من خلال الفصائل ان يكملوا هذا المشروع لكن الكل ابدا عجزه المادي عن البناء، بداوا في الأسبوع الأول الاتصالات بمكاتب الأونروا في المخيمات والمكتب الرئيسي لتحميلهم المسؤولية الاجتماعيه والإنسانية، وحقيقة الامر لقد تجاوب معهم مدير الأونروا آنذاك وأعطى تعليماته بتحرك سيارة الأونروا المخصصة لنقل مياه الشرب بتأمين احتياجات المهجرين اليوميه من الماء وتأمين ما أمكن من المواد الغذائية والتموينيه وخاصة مادة الخبز .....
تشعرك الحياة في تلك المرحلة الصعبة ان نضالك السابق في حركة هو جريمة يجب أن تعاقب عليها قبل الاجتياح، كان مقياس الوطنيه كم انت قريب من الشهيد أبو عمار، بعد الانشقاق أصبح مقياس الوطنيه عندهم كم انت بعيد عن سياسة الشهيد ابو عمار، لم يعد اسمك أن كنت مع ابو عمار اخ او مناضل، أصبح اسمك من زمرة عرفات هكذا كان تقييمهم وهكذا كانوا يعلنون في كل أحاديثهم على هذا الأساس كان العقاب وكان الثواب عندهم ....
كم كنت كبيرا يا تل الزعتر وبقيت وستبقى
ثقافة السواد الأعظم من أبنائك جعلتك أسطورة في رقي العلاقات الاجتماعية فالكل عائله واحده ولا تنتهي الا بالوحده الوطنيه التي لم يشهد مخيما آخر مثيل لها فلم تنتهي حكايات تل الزعتر في الحصار وفي شدة الازمه وما بعدها بل ظل أهله بوفائهم وانسانيتهم وكان التعاون والألفة ورغيف الخبز للجميع ولازالوا أهله على ولائهم و محبتهم ووفائهم فكنت ولازلت يا مخيمي نموذجاً للعائلة الواحدة وهذا ما كان يميزك ويميز اهلك الاوفياء ...
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( مسيرة مستمرة )
للمناضل الزعتري الأصيل
ابوسهيل كروم ...
بقلمي/ تغريد الحاج
الحلقة الثانيه ....
---------------------------
إن لم تكن ذئبا ...
عدنا إلى المخيم في ظلِّ هذه الظروف القاسية لم يمضي على وجودنا في المخيم (البداوي) أكثر من ستة أشهر ما بين الرحيل من البقاع وبين معركة طرابلس، كان معرفتنا بأهل المخيم قليله حيث كان تطور الأحداث اكبر من الجميع، لكن عودتنا اختلفت عن الفترة السابقة، بتنا نرى وجوه لم نألفها من قبل ونحن الضائعون بين انقلاب المشهد السياسي والعسكري وبين انهمار المطر بلا بيوت نقطنها، والحذر والخوف بات شريكُ يومنا، فمن كان بالأمسِ أخا ورفيقا أصبح اليوم بينه وبينك وادٍ سحيق من اختلاف وجهات النظر والتحالفات، وجوه في المخيم لم نالفها من قبل مدججة بالسلاح لا تعرف من هذا ومع من ذاك، كل ما نعرفه هو ممنوع ان تقول عرفات والا مصيرك الاعتقال والإهانة، فقط لمجرد انك تحب الشهيد ابو عمار وترفض التغيير الذي حصل، عرفاتي تلك الصفة كانت كافية لان تختفي عن المخيم وربما عن الحياة، كثيرون تعرضوا للأهانة الجسدية والنفسية نتيجة انهم كانوا في فتح ويحبون ابو عمار، رجال مسنين ومدرسين وصبايا من التنظيم تم التنكيل بهم بإسم زمرة عرفات، تنظيمات حاولت من جديد فرض هيمنتها بقوة السلاح والترهيب، أمام هذا الواقع.
عاد العم ابوسهيل الى المخيم، وتحملوا الشتاء ووحل الطريق في مجمع السكن الغير مكتمل والغير صالح للسكن. لا حمامات لا غرف للمطابخ لا مياه لا كهرباء، كل شيء كان يشير إلى فقدان مقومات الحياة، ولكن ما الحل أمام هذا الواقع الجديد، لم يكن أمامهم من حل سوا إثبات وجودهم وقبول التحديات وسياسة الأمر الواقع، فإما ان يكون لهم مكاناً أو يصبحون كالنعاج التي تساق بعصاً لا حول لها ولا قوه
( هكذا يصف الأخ ابو سهيل تلك المرحله) ....
لم يكن الخوف من الفصائل فقط بل كان الخوف مَن كان يقف خلف هذه الفصائل بقوة الحديد والنار، يريدون إثبات وجودهم بأي شكل من الأشكال وممارسة القمع الفكري وقمع الفكرة بحد ذاتها، كانوا يعتقدون أن انتزاع مكانة ومحبة الشهيد ابو عمار من صدور أبناء حركة فتح بالقوة وللأسف بإسم. فتح، لم يكن أمام ابناء مخيم تل الزعتر في الشمال الا الوحدة، بغض النظر عن الانتماء التنظيمي لهذا او ذاك، كان الهدف اثبات وجود أمام هذه الحالة الغريبة عن عادات وتقاليد شعبنا الفلسطيني على مدار سنوات الثورة التي سبقت تلك المرحلة ...
بادر المناضل أبو سهيل وابن عمه الشهيد عادل ابو السعود وعدد من ابناء تل الزعتر الذين يمثلون الطيف السياسي بكل انتماءاتهم إلى عقد اجتماع فيما بينهم واتخاذ خطوات جريئه لحفظ كرامتهم وفي طليعتها عدم السماح لأي فصيل بإعتقال اي شاب من ابناء تل الزعتر الا من خلال وجهاء ومرجعيتهم تحت أي ظرف من الظروف، وقد تمت المبادره إلى تشكيل لجنة قوامها 12 عضوا من ابناء تل الزعتر، لتكون المرجعيه وتكون ممثلة باللجان الشعبيه ومعترف بها من كل الفصائل، منعاً لأي احتكاك بين الفصائل وبين مجمع السكن الذي أطلقنا عليه مسمى حي المهجرين، وما زال هذا الاسم قائما حتى الان ...
إن أكبر تجمع لمهجري تل الزعتر بعد الاجتياح. عام 82.، كان في منطقة الشمال وتحديدا في مخيم البداوي، كان تجمع المهجرين منقسماً ضمن بقعة جغرافية داخل المخيم قرب مدارس الأونروا وتجمع آخر في قطعة الأرض التي اشترتها منظمة التحرير الفلسطينية، لبناء سكن لائق حديث لتجمع أبناء مخيم تل الزعتر، قبل معركة طرابلس كانت بداية العمل بهذا المشروع وقد وضع اساس للبناء العامودي حيث كل مبنى مكون من مستودعات وثلاث طوابق لتستوعب السكان وبناء مدرسة ومشفى على قطعة الأرض التي تبلغ مساحتها حوالي 5600م الا ان المعركة قضت على هذا الحلم نهائيا بعد خروج الشهيد ابو عمار من الشمال حاولوا من خلال الفصائل ان يكملوا هذا المشروع لكن الكل ابدا عجزه المادي عن البناء، بداوا في الأسبوع الأول الاتصالات بمكاتب الأونروا في المخيمات والمكتب الرئيسي لتحميلهم المسؤولية الاجتماعيه والإنسانية، وحقيقة الامر لقد تجاوب معهم مدير الأونروا آنذاك وأعطى تعليماته بتحرك سيارة الأونروا المخصصة لنقل مياه الشرب بتأمين احتياجات المهجرين اليوميه من الماء وتأمين ما أمكن من المواد الغذائية والتموينيه وخاصة مادة الخبز .....
تشعرك الحياة في تلك المرحلة الصعبة ان نضالك السابق في حركة هو جريمة يجب أن تعاقب عليها قبل الاجتياح، كان مقياس الوطنيه كم انت قريب من الشهيد أبو عمار، بعد الانشقاق أصبح مقياس الوطنيه عندهم كم انت بعيد عن سياسة الشهيد ابو عمار، لم يعد اسمك أن كنت مع ابو عمار اخ او مناضل، أصبح اسمك من زمرة عرفات هكذا كان تقييمهم وهكذا كانوا يعلنون في كل أحاديثهم على هذا الأساس كان العقاب وكان الثواب عندهم ....
كم كنت كبيرا يا تل الزعتر وبقيت وستبقى
ثقافة السواد الأعظم من أبنائك جعلتك أسطورة في رقي العلاقات الاجتماعية فالكل عائله واحده ولا تنتهي الا بالوحده الوطنيه التي لم يشهد مخيما آخر مثيل لها فلم تنتهي حكايات تل الزعتر في الحصار وفي شدة الازمه وما بعدها بل ظل أهله بوفائهم وانسانيتهم وكان التعاون والألفة ورغيف الخبز للجميع ولازالوا أهله على ولائهم و محبتهم ووفائهم فكنت ولازلت يا مخيمي نموذجاً للعائلة الواحدة وهذا ما كان يميزك ويميز اهلك الاوفياء ...
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( مسيرة مستمرة )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق