انتشر الدين الاسلامي في كافة ارجاء الجزيرة العربية وتوسع في آسيا وافريقيا ، وحل الشعر السامي الهادف النبيل محل الشعر الجاهلي المنطوي على الفخر والهجاء والغزل الاباحي .
وفي عهد الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم تراجع الشعر كثيرا بسبب التركيز على نشر تعاليم الاسلام واخلاقه التي تتعارض تماما مع اشعار الفخر :
" ان اكرمكم عند الله اتقاكم * " .
" كلكم لآدم وآدم من تراب . لا فضل لعربي على اعجمي ولا لابيض على اسود الا بالتقوى " .
وتتعارض ايضا مع اشعار الهجاء :
" لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم * " .
وكذلك تتعارض مع اشعار الغزل الاباحي ، حيث امر الاسلام بالعفة والطهارة وصون المراة واحترامها وعدم التحدث عن مفاتنها وتكريمها ايما اكرام :
" استوصوا بالنساء خيرا . ما اكرمهن الا كريم وما اهانهن الا لئيم . رفقا بالقوارير .." .
وعند انتهاء عهد الخلفاء الراشدين وبدء العصر الاموي تغيرت النظرة الى الشعر تماما حيث شجع امراء بني امية الشعراء واكرموهم واجزلوا لهم العطايا . فازداد عدد الشعراء حتى ناهزوا المائة ، وعادت اشعار الفخر والهجاء والغزل الى الظهور مجددا على الساحة . واصبح كل فريق سياسي بحاجة الى اشعار الفخر ليثبت عراقته واهليته للحكم ، و لاشعار الهجاء ايضا ليهجو خصومه منفرا الناس منهم . وكذلك الامر بالنسبة للشعراء حيث راح بعضهم يمدح نفسه ليثبت مكانته وتفوقه على الآخرين ليحظى برضى والاستئثار بعطايا البلاط الاميري ، ويهجو الشعراء الآخرين منتقصا من قدراتهم الشعرية ، فيردون عليه بمدح انفسهم وهجائه بنفس الوزن والقافية ايضا . وقد سمي هذا النوع من الشعر بالنقائض ، وابرز شعراء هذا النوع الاخطل والفرزدق وجرير .
والجدير ذكره هنا مدح الفرزدق للامام زين العابدين بن علي بن الحسين عليهم السلام في حضرة هشام بن عبد الملك ابان موسم الحج ، حين رأى الخليفة الاموي رجلا مهيبا تلتف الناس حوله ويتدافعون للسلام عليه متسائلا من هذا ؟
فأنشد الفرزدق :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله
بجده انبياء الله قد ختموا
هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا النقي التقي الطاهر العلم
وما قولك من هذا بضائره
العرب تعرف من انكرت والعجم
ما قال لا قط الا في تشهده
لولا التشهد كانت لاؤه نعم
واستمر شعراء الزهد المخضرمين من نظم الشعر لحث الناس على التشبث بمباديء الاسلام وتعاليمه وعدم الركون الى الدنيا ، وعلى رأسهم أبو الأسود الدؤلي واضع علوم النحو ومنقط احرف القرآن الكريم .
اما الحب الذي هو اسمى عاطفة انسانية فقد تنازعته مدرستان :
مدرسة الغزل الاباحي وعلى راسها عمر بن ابي ربيعة ، الشاعر الجميل الانيق المحبوب من النساء ، والذي عاش 70 عاما انشد نصفها غزلا اباحيا فاضحا ، ثم تاب في النصف الاخر من عمره وراح يتصدق عن كل بيت شعري حتى وافته المنية . ولكن تاريخ الشعر خلده كشاعر الغزل الاباحي البارز في العهد الاموي . ومما قاله :
قالت الكبرى اتعرفن الفتى
قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتها
قد عرفناه وهل يخفى القمر ؟!
اما المدرسة الثانية وهي مدرسة الغزل العذري ، فتعتبر من اجمل المدارس الشعرية في ذلك العصر الى يومنا هذا ، وقد تربع على عرشها قيس بن الملوح ( قيس ليلى ) وجميل بن معمر ( جميل بثينة ) ، وقيس بن ذريح ( قيس لبنى ) .
وفي الحلقة القادمة ان شاء الله سأكتب عن امير تلك المدرسة قيس بن الملوح العامري .
محمد جمال الغلاييني
وفي عهد الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم تراجع الشعر كثيرا بسبب التركيز على نشر تعاليم الاسلام واخلاقه التي تتعارض تماما مع اشعار الفخر :
" ان اكرمكم عند الله اتقاكم * " .
" كلكم لآدم وآدم من تراب . لا فضل لعربي على اعجمي ولا لابيض على اسود الا بالتقوى " .
وتتعارض ايضا مع اشعار الهجاء :
" لا يسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم * " .
وكذلك تتعارض مع اشعار الغزل الاباحي ، حيث امر الاسلام بالعفة والطهارة وصون المراة واحترامها وعدم التحدث عن مفاتنها وتكريمها ايما اكرام :
" استوصوا بالنساء خيرا . ما اكرمهن الا كريم وما اهانهن الا لئيم . رفقا بالقوارير .." .
وعند انتهاء عهد الخلفاء الراشدين وبدء العصر الاموي تغيرت النظرة الى الشعر تماما حيث شجع امراء بني امية الشعراء واكرموهم واجزلوا لهم العطايا . فازداد عدد الشعراء حتى ناهزوا المائة ، وعادت اشعار الفخر والهجاء والغزل الى الظهور مجددا على الساحة . واصبح كل فريق سياسي بحاجة الى اشعار الفخر ليثبت عراقته واهليته للحكم ، و لاشعار الهجاء ايضا ليهجو خصومه منفرا الناس منهم . وكذلك الامر بالنسبة للشعراء حيث راح بعضهم يمدح نفسه ليثبت مكانته وتفوقه على الآخرين ليحظى برضى والاستئثار بعطايا البلاط الاميري ، ويهجو الشعراء الآخرين منتقصا من قدراتهم الشعرية ، فيردون عليه بمدح انفسهم وهجائه بنفس الوزن والقافية ايضا . وقد سمي هذا النوع من الشعر بالنقائض ، وابرز شعراء هذا النوع الاخطل والفرزدق وجرير .
والجدير ذكره هنا مدح الفرزدق للامام زين العابدين بن علي بن الحسين عليهم السلام في حضرة هشام بن عبد الملك ابان موسم الحج ، حين رأى الخليفة الاموي رجلا مهيبا تلتف الناس حوله ويتدافعون للسلام عليه متسائلا من هذا ؟
فأنشد الفرزدق :
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله
بجده انبياء الله قد ختموا
هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا النقي التقي الطاهر العلم
وما قولك من هذا بضائره
العرب تعرف من انكرت والعجم
ما قال لا قط الا في تشهده
لولا التشهد كانت لاؤه نعم
واستمر شعراء الزهد المخضرمين من نظم الشعر لحث الناس على التشبث بمباديء الاسلام وتعاليمه وعدم الركون الى الدنيا ، وعلى رأسهم أبو الأسود الدؤلي واضع علوم النحو ومنقط احرف القرآن الكريم .
اما الحب الذي هو اسمى عاطفة انسانية فقد تنازعته مدرستان :
مدرسة الغزل الاباحي وعلى راسها عمر بن ابي ربيعة ، الشاعر الجميل الانيق المحبوب من النساء ، والذي عاش 70 عاما انشد نصفها غزلا اباحيا فاضحا ، ثم تاب في النصف الاخر من عمره وراح يتصدق عن كل بيت شعري حتى وافته المنية . ولكن تاريخ الشعر خلده كشاعر الغزل الاباحي البارز في العهد الاموي . ومما قاله :
قالت الكبرى اتعرفن الفتى
قالت الوسطى نعم هذا عمر
قالت الصغرى وقد تيمتها
قد عرفناه وهل يخفى القمر ؟!
اما المدرسة الثانية وهي مدرسة الغزل العذري ، فتعتبر من اجمل المدارس الشعرية في ذلك العصر الى يومنا هذا ، وقد تربع على عرشها قيس بن الملوح ( قيس ليلى ) وجميل بن معمر ( جميل بثينة ) ، وقيس بن ذريح ( قيس لبنى ) .
وفي الحلقة القادمة ان شاء الله سأكتب عن امير تلك المدرسة قيس بن الملوح العامري .
محمد جمال الغلاييني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق