الأحد، 23 ديسمبر 2018

كنوز الأدب... بقلم الأديب المتألق محمد جمال الغلاييني

كان العرب في الجاهلية اولي نخوة ومرؤة وشهامة . ما استنجد بهم احد الا نجدوه ، وما استنصرهم مظلوم الا نصروه . يغيثون الملهوف ويفرجون المكروب . يكرمون الضيف ويحسنون الجوار .
كانوا يتفاخرون بامتلاكهم تلك السمات النبيلة التي كانت تميزهم عن غيرهم من الشعوب المحيطة بهم من الفرس والروم .

والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام اذا فقهوا . - اي اذا اسلموا ووعوا امر دينهم - لان هدف رسالة الاسلام هو الرحمة ومكارم الاخلاق .
" وما ارسلناك الا رحمة للعالمين * " . قرآن كريم .
" انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق . " حديث شريف .

كان احد فرسان العصر الجاهلي يتجول في البادية ثم اوغل قليلا في الصحراء ، فوجد رجلا مستلقيا على الارض يئن من الالم مستنجدا به ، موحيا له انه تعرض للضرب  والسلب وألقي به في مجاهل البيداء !
دفعته مرؤته الى التوقف والنزول عن دابته ممسكا بيد الرجل ، وهمّ بحمله ووضعه على جواده كي يوصله الى دياره .
فما كان من هذا الرجل الا ان دفع الفارس ارضا وامتطى صهوة حصانه واراد ان يلوذ بالفرار سارقا له !
 اشار اليه الفارس بان يقف قليلا ، قائلا له :
ارجوك ؛ لا تخبر العرب بما فعلت معي حتى لا تنعدم المرؤة وتموت الشهامة ، ويستمروا في اغاثة من يرونه ملهوفا ، ويوصلوا من وجدوه مقطوعا الى دياره .
خذ الحصان فهو لك ، ولكن لا تأخذ النخوة العربية !

وعندما تم أسر اميرة قوم بعد قتال بينهم وبين الصحابة المكلفين بنشر الدعوة الاسلامية ، ابت ان تستسلم الا للنبي محمد .
أخبروا النبي بذلك فحضر بنفسه وقال لها :
انا محمد رسول الله .
قالت له : يا محمد ، ان ابي كان يكرم الضيف ويغيث الملهوف ويفرج المكروب ، وينصر المظلوم ، ويحسن الجوار .
فقال النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة  : دعوها فانها حرة لوجه الله تعالى !
 اتدرون من هذه الاميرة ؟
انها ابنة حاتم الطائي . لقدكان ابوها كريم الاخلاق والله يحب مكارم الاخلاق .

هذا في العصر الجاهلي منذ حوالي الف وخمسمائة عام ونيف ..فأين هي تلك المناقب والاخلاق الفاضلة اليوم بعد مرور ما يربو عن اربعة عشر قرن ونصف على بزوغ فجر الاسلام ؟!

محمد جمال الغلاييني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق