كان لكسرى وزير عادل رؤوف بالرعية اسمه " بزرجمهر" ، يهتم بأمورهم ويعينهم على قضاء حوائجهم ويسعى لراحتهم وفك ضائقتهم .
بدأ الوشاة بتحريض الملك عليه واتهموه بانه يريد اﻻنقلاب على الحكم من خلال محبة الشعب له . وكعادة كل طغاة اﻻرض مذ فجر التاريخ الذين يقتلون كل المصلحين والنبلاء ، اصدر كسرى حكمه عليه باﻻعدام !
تجمهر الناس باﻵﻻف كالغنم كعادة الشعوب الخانعة مذ بدء الخليقة ، ليس للدفاع عنه بل ليشهدوا موته !
ومن بين من حضر ابنة الوزير التي كانت تتوقع ممن عاملهم بالحسنى ان يبادلوه ايضا بالحسنى ، ويقولوا للطاغيه : كفاك ظلما ، وكيف تحكم باعدام وزير حكم بالعدل وانصف الناس ؟ ولكنهم كعادة معظم شعوبنا اليوم غنم تصفق للطغاة وتهلل ﻻحكامهم الجائرة . فوقفت بينهم حاسرة عن راسها اﻷمر الذي كان مستهجنا في ذلك العصر .
وقد خلد شاعر القطرين " خليل مطران " تلك الواقعة اﻻليمة بقصيدة ، احببت ان اسرد لكم بعضا منها : -
يا يوم قتل بزرجمهر وقد اتوا
فيه يلبون النداء عجاﻻ
متألبين ليشهدوا موت الذي
احيا البلاد عدالة ونواﻻ
اذا قضى يوما قضاء عادﻻ
ضرب اﻷنام بعدله اﻷمثاﻻ
ويلوح كسرى مشرفا من قصره
شمسا تضيء مهابة وجلاﻻ
واذا الوزير بزرجمهر يسوقه
جلاده متهاديا مختاﻻ
سخط المليك عليه اثر نصيحة
فاقتص منه غواية وضلاﻻ
ابرزجمهر حكيم فارس والورى
يطأ السجون ويحمل اﻷغلاﻻ ؟
ناداهم الجلاد هل من شافع
لبزرجمهر فقال كل : ﻻ ﻻ
وأدار كسرى في الجماعة طرفه
فرأى فتاة كالصباح جماﻻ
بنت الوزير أتت لتشهد قتله
وترى السفاه من الرشاد مداﻻ
باد محياها فأين قناعها
وعلام شاءت ان يزول فزاﻻ
ﻻ عار عندهم كخلع نسائهم
استارهن ولو فعلن ثكالى
فأشار كسرى ان يرى في امرها
فمضى الرسول اليها وقاﻻ
موﻻي يعجب كيف لم تتقنعي
فقالت له : اتعحبا وسؤاﻻ ؟
انظر وقد قتل الحكيم فهل ترى
اﻻ رسوما حوله وظلاﻻ ؟!
ارجع الى الملك العظيم وقل له
مات النصيح وعشت انعم باﻻ
وبقيت وحدك بعده رجلا ، فسد
وارع النساء ودبر اﻷطفاﻻ
ما كانت الحسناء ترفع سترها
لو أن في هذي الجموع رجاﻻ i
محمد جمال الغلاييني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق