الأربعاء، 22 أغسطس 2018

قراءة في قصيدة هَمْسَة صَادِحَة للشاعر طاهر مشي بقلم الأديب صالح جبار خلفاوي

قراءة في قصيدة هَمْسَة صَادِحَة للشاعر طاهر مشي بقلم الأديب صالح جبار خلفاوي
(هَمْسَة صَادِحَة)
يَا دَهْر لاَ تقْسُ عَلَتْ أشْجَانِي
هَا قَد تشظى الفِكْر بِالأحْزَان
دَعْنِي سَجِين السُّهْد مَاضٍ حُكْمُه
فَالفِكر عَانَى مِنْ هَوَى الخِلاَّن
هَا قَد رَحَلْنَا دُون جُرح فِي الهَوَى
كَالسَّهْم يَرمِي الشَّجْو فِي الوِجْدَان
مِنْه الهَوى قَد عَلّ نبْضِي فِي الخَفَا
يَجْرِي وَيَسْرِي فِيه كَالطّوفَان
كَالعَبْد أضْحَى القَلب مَعْبُود الجَوَى
يَهْفُو بِسَلْوَى لَوعَة التِّحْنَان
القَلْب كَمْ عَانَى وَكَمْ عَاشَ الأَسَى
قَدْ ذَاع بِالتَبْيين والتِّبيَان
هَا قَد تَعَدَّاني فَأرْدَانِي الشَّقَا
بَاتَ الصَّدَى كالهَمْس فِي الأَزْمَان
طاهر مشي
هَمْسَة صَادِحَة
صالح جبار خلفاوي
سحبني الشاعر التونسي الطاهر مشي نحو فضاءات حسبنا أنها أغلقت .. عالم المعلقات وبحور الشعر وجعلني أتذكر بيت أبو نؤاس :
دع عنك لومي فأن اللوم إغراء وداوني بالتي كانت هي الداء
حقا أن للشعر الموزون أغراء كونه موروث زاخر وحقبة ممتدة لأجيال كانت تتناوله قصائد الشعراء وأقيمت لأجله أسواق وسوق عكاظ خير شاهد .
بداية القصيدة كما هي قصائد الأسلاف تبدأ بكلمة \ يا دهر \ وهذا شأن الشعراء العرب قديما تكون مطلع قصائدهم بالشكوى . لم يخالف الطاهر مشي هذه القاعدة احتراما للموروث الشعري أولا وليثبت قدرته وموهبته العالية .
)يَا دَهْر لاَ تقْسُ عَلَتْ أشْجَانِي هَا قَد تشظى الفِكْر بِالأحْزَان
دَعْنِي سَجِين السُّهْد مَاضٍ حُكْمُه فَالفِكر عَانَى مِنْ هَوَى الخِلاَّن
هَا قَد رَحَلْنَا دُون جُرح فِي الهَوَى كَالسَّهْم يَرمِي الشَّجْو فِي الوِجْدَان
مِنْه الهَوى قَد عَلّ نبْضِي فِي الخَفَا يَجْرِي وَيَسْرِي فِيه كَالطّوفَان
قسوة الدهر جعلت من الطاهر مسهد من هوى الأحبة والذين هم حتما فارقوه .. هذا النمط يذكرنا بالشعر العذري ل عمر بن ابي ربيعة وجميل بثينة يحاول الشاعر المجد الطاهر مشي يحذو حذوهم .
كَالعَبْد أضْحَى القَلب مَعْبُود الجَوَى يَهْفُو بِسَلْوَى لَوعَة التِّحْنَان
القَلْب كَمْ عَانَى وَكَمْ عَاشَ الأَسَى قَدْ ذَاع بِالتَبْيين والتِّبيَان
هَا قَد تَعَدَّاني فَأرْدَانِي الشَّقَا بَاتَ الصَّدَى كالهَمْس فِي الأَزْمَان
في صورة شعرية راقية وجميلة يختم قصيدته التي كستها نبرة الحزن والتوجع لفقد الحبيبة يقول : بات الصدى كالهمس في الأزمان . يقفل شكواه عن صدى الهمس \وجع القلب \ كَالعَبْد أضْحَى القَلب مَعْبُود الجَوَى\ عبودية يرفضها لكن هسيسها
\ يَهْفُو بِسَلْوَى لَوعَة التِّحْنَان \
خلاصة ما عاناه من وجع . بهذا يثبت لنا الشاعر المبدع الطاهر مشي قدرته الفائقة في مجاراة القصائد القديمة الموزونة وأسماء حول من عمل عليها . القصيدة سياحة في الموروث الهائل أتحفنا به من رابية تونسية الطاهر مشي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق