الاثنين، 27 أغسطس 2018

أمسى ايمن اسير صراع دام بين تأنيب الضمير وكتمان اﻷمر ﻻ يجد له حﻻ . وبدت عليه عﻻمات التعب واﻻعياء واصبح منزويا ﻻ يخالط احدا ، يجلس قرب زوجته دون ان ينطق بحرف ، يثور ويغضب ﻷتفه اﻷسباب وﻻ يرتاح اﻻ عندما تجلس ابنته بقربه ويحتضنها بشدة ويبكي بكاء مرا .
وفي احدى اﻻمسيات حضر الجميع ليطلبوا تحديد موعد للعرس طالما ان العمل مؤمن في مؤسسة احﻻم . هنا شعر ايمن بأن عمر يريد اﻻسراع في الزواج كي ينتقم منه سريعا .
لم يعد قلبه يحتمل ذلك العذاب المضني فطلب منهم اﻻنصات اليه بشغف ، ثم قال بعد ﻷي شديد : -
انا اﻵن في اشد لحظات سروري ، ومن اسعد مني اﻵن ؟ زوجتي الغالية تتماثل للشفاء وابنتي الوحيدة ترفل بهناء امام خطيبها عادل ابن العائلة المرموقة ، وزميلي السابق في المؤسسة الصحفية عمر الذي ظلمته سيكون عما ﻻبنتي !
تفاجأ الجميع ..
 ماذا يقول ؟ زميله السابق ؟ ظلمه ؟ هل يعرفان بعضهما البعض ؟ كيف كتما اﻷمر عن الجميع ؟
ظنت نورا انه يهذي جراء اصابته بالحمى ، وذهلت ابنته وكذلك عادل ، اما عمر فقد دنا منه وهمس في اذنيه طالبا منه كتمان اﻷمر " لقد سامحتك من كل قلبي المهم اﻵن سعادة ولدينا " .
صرخ فيهم قائﻻ : اريد ان ارتاح من عذاب الضمير وان ابريء ذمتي امام الله وامام عمر ، هذا الرجل الشهم النبيل . لقد تعرض مني ﻷبشع عملية غدر وخيانة عندما دبت الغيرة في فؤادي ودبرت له مكيدة مع بقية الزمﻻء الذين شعروا مثلي . اتفقنا ان نفتعل شجارا في غرفتنا المقابلة لمكتبه كي تدفعه نخوته ومرؤته الى التدخل لمصالحتنا . اغتنمت تلك الفرصة واخذت مفاتيح مكتب المدير من سترته واختلست المال الموجود بسرعة ثم اعدت المفتاح حيث كان دون ان يشعر ! ثم ادعينا تضامننا معه بعد فصله بتهمة اساءة اﻻمانة وقدمنا استقاﻻتنا جميعا ووزعنا اﻻموال على بعضنا البعض !
لقد دمرت حياته تدميرا كامﻻ .
ولكن الله عاقبني سريعا فقطع نسلي اﻻ من ابنة واحدة ولم يرزقني سواها ، ثم سافرت بعيدا عن مسرح الجريمة وبدأ وخز الضمير يؤنبني فقررت العمل ليل نهار ﻻعادة ما سلبته . وقد احصيته وتبرعت به لدور العجزة واﻻيتام بعدما علمت بوفاة صاحب المؤسسة واقفالها نهائيا ، وقررت تربية ابنتي من مال الحﻻل .
ما اعدلك يا الله . فقد هيأت اﻷسباب ليسكن عمر قرب منزلي وترعى زوجتي ابناءه الذين شردوا بسببي ، ثم تزويج ابنتي التي سترثني من ابن عمر !
هل تسامحوني ؟ هل تسامحني يا عمر ؟
اجابه عمر : - والله لقد سامحتك مذ عرفت ان نورا زوجتك وحنان ابنتك .
سر ايمن سرورا عظيما وقال : -
اﻵن القى الله براحة ضمير وقلب سليم ، وراح يبكي بكاء مرا حتى خفت صوته الى اﻷبد .
نعم ، لقد مات ايمن رياض !

مقطع من روايتي " ومرت الايام " .
 محمد جمال الغلاييني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق