الوداع الاخير ....
بقلمي/تغريد الحاج
~~~~~~~~~~~
اقلب أوراقي بين الامس واليوم وبين الماضي والحاضر .
ململمة حروفي وكلماتي التي خضبتها الدموع .
والدي العزيز :
كنت معك في مرضك وفي جرحك النازف .
عشت كل لحظه من لحظات ايامك الاخيره حتى ان
يوم 17 /12/2011 كان يوما حالك السواد .
يوما لم الاحظ فيه ضياء القمر ، ولم اشعر ببرودة الطقس،
ولم اتلمس نسيمات الحنان .. كنت مشتتة الافكار حائرة ،
منقسمة بين ذاتي ووالدي الذي اعياه المرض .
يوم17 /12/2011 ترك في ذاكرتي جرحا ما زال ينزف .
تعب والدي وهو يصارع الحياة . كان القدر يلاحقه وهو
عاجز عن الفرار .. وانا وسط هذا المعترك كنت اصارع احاسيسي ومشاعري . تأخذني أمواج من الألم والتفكير . بقيت معه في احلك الظروف ، لكنها ارغمتني في هذه الليلة على تركه يتخبط بين اليأس والامل . كنت اتنقل بين بيتي وغرفة والدي في المستشفى الذي لم تفارقة ابتسامة الأمل بالشفاء ،ولم يفارق عينيه ذاك البريق الحزين . كانت ليلة رهيبة لا تُنتسى !! وانا اصارع أفكاري المضطربة ، ادركت للحظة انه أمسى على موعد مع القدر . لقد حان موعد الفراق الابدي والانتقال إلى دار البقاء .
ليلة 18/12/2011 كان قرار الوداع مع امسية الدموع . ليلة الحزن الذي ما زال يحتويني . تمنيت حينها ان يختارني القدر بدلا منه وارحل قبله . شعرت ان الدنيا يكتنفها السواد ، ففراق الوالد لا يعوض ؛ ومن يفقد الاب يفقد الكتف الدافئ .. يفقد الأمان .
لم تكن العلاقة بيني وبينه - رحمه الله - مجرد علاقة أُبوة ، بل كانت أعمق من ذلك بكثير وأقرب إلى علاقة الناسك بمحرابه ..
علاقة جعلت مني لسان حاله وفكره . علاقة جعلتني اغوص في اعماق فكره وقلبه . فكان الاب والصديق ، وكنت الابنة والصديقة ..
حاولت ان أكتب ؛ لكني ترددت كثيرا ويداي ترتعشان .
بدأ القلم يرتجف بين اصابعي ولأول مرة شعرت اني عاجزه
عن الكتابة او ان القلم خائف من صياغة الحروف ، ربما لانني في حضرة الموت اكتب . او لان المداد خان القلم فامتنع عن الكتابه .
ترددت كثيرا حين بدأت يداي ترتعشان امام اوراقي البيضاء التي تحنُ إلى مداد القلم . لأول مرة يتملكني هذا الشعور وانا احاول ان اكتب عن والدي ، هذه الهامةُ الشامخة ذو الاطلالة المميزه والابتسامة العريضة التي لا تفارق مخيلتي . هامة اعياها المرض فاقعدها وادمى فؤادها ، وتسلل الى عزة نفسها في غفلة من الزمن ، حين غزا الصحة كالعدو الذي يغزو روابي الورود . اعياه المرض فجأة وهو الذي ما تألم يومآ او تذمر او تأفف . اعياه المرض وهو يقاوم بابتسامة ممزوجة بالامل الكبير بالله تعالى ورحمته ؛ لكنه الداء الذي تسلل إلى جسده كما تتسلل النار الى الهشيم . اقعده المرض ولم تتبدل ابتسامته حين كان ينظر إلينا نظرة المريض المتفائل مبعدا عنا الحيرة والقلق !!!!
اعياه المرض رغم جهد كل الأطباء وتلقيه كافة الادوية ، ورغم العناية الدؤوبة التي كان يتلقاها . كان يخاطب المرض بارادته الصلبه قائلا له : ساقهرك ايها الداء ولن ادعك تدمر حياتي . لكن المقدر لا مفر منه !! رحمك الله يا والدي .
ها هي عيناي قد اغرورقت بالدموع بين كل كلمة وكلمة
كأنك الان انتقلت الى الفردوس الاعلى . كنت معك في كل لحظة
وما صدقت حينها انك ستغادرنا وان الموت سيخطفك منا بهذه السرعة القياسية !! اعذرني لم استطع ان افديك بكل ما املك ، فالمقدر لا مفر منه . مرضت وكنت اقرأ في عينيكَ كلماتٍ لم تقلها لنا .
قلت لنا : "سامحوني " ولم تقل لنا اين نلتقي !!!
لم تقل لنا ، ماذا نحن من بعدك ؟؟!!
اعذرني والدي فقد بللت عبراتي الأوراق فهل اتوقف ؟؟
بقلمي/تغريد الحاج
~~~~~~~~~~~
اقلب أوراقي بين الامس واليوم وبين الماضي والحاضر .
ململمة حروفي وكلماتي التي خضبتها الدموع .
والدي العزيز :
كنت معك في مرضك وفي جرحك النازف .
عشت كل لحظه من لحظات ايامك الاخيره حتى ان
يوم 17 /12/2011 كان يوما حالك السواد .
يوما لم الاحظ فيه ضياء القمر ، ولم اشعر ببرودة الطقس،
ولم اتلمس نسيمات الحنان .. كنت مشتتة الافكار حائرة ،
منقسمة بين ذاتي ووالدي الذي اعياه المرض .
يوم17 /12/2011 ترك في ذاكرتي جرحا ما زال ينزف .
تعب والدي وهو يصارع الحياة . كان القدر يلاحقه وهو
عاجز عن الفرار .. وانا وسط هذا المعترك كنت اصارع احاسيسي ومشاعري . تأخذني أمواج من الألم والتفكير . بقيت معه في احلك الظروف ، لكنها ارغمتني في هذه الليلة على تركه يتخبط بين اليأس والامل . كنت اتنقل بين بيتي وغرفة والدي في المستشفى الذي لم تفارقة ابتسامة الأمل بالشفاء ،ولم يفارق عينيه ذاك البريق الحزين . كانت ليلة رهيبة لا تُنتسى !! وانا اصارع أفكاري المضطربة ، ادركت للحظة انه أمسى على موعد مع القدر . لقد حان موعد الفراق الابدي والانتقال إلى دار البقاء .
ليلة 18/12/2011 كان قرار الوداع مع امسية الدموع . ليلة الحزن الذي ما زال يحتويني . تمنيت حينها ان يختارني القدر بدلا منه وارحل قبله . شعرت ان الدنيا يكتنفها السواد ، ففراق الوالد لا يعوض ؛ ومن يفقد الاب يفقد الكتف الدافئ .. يفقد الأمان .
لم تكن العلاقة بيني وبينه - رحمه الله - مجرد علاقة أُبوة ، بل كانت أعمق من ذلك بكثير وأقرب إلى علاقة الناسك بمحرابه ..
علاقة جعلت مني لسان حاله وفكره . علاقة جعلتني اغوص في اعماق فكره وقلبه . فكان الاب والصديق ، وكنت الابنة والصديقة ..
حاولت ان أكتب ؛ لكني ترددت كثيرا ويداي ترتعشان .
بدأ القلم يرتجف بين اصابعي ولأول مرة شعرت اني عاجزه
عن الكتابة او ان القلم خائف من صياغة الحروف ، ربما لانني في حضرة الموت اكتب . او لان المداد خان القلم فامتنع عن الكتابه .
ترددت كثيرا حين بدأت يداي ترتعشان امام اوراقي البيضاء التي تحنُ إلى مداد القلم . لأول مرة يتملكني هذا الشعور وانا احاول ان اكتب عن والدي ، هذه الهامةُ الشامخة ذو الاطلالة المميزه والابتسامة العريضة التي لا تفارق مخيلتي . هامة اعياها المرض فاقعدها وادمى فؤادها ، وتسلل الى عزة نفسها في غفلة من الزمن ، حين غزا الصحة كالعدو الذي يغزو روابي الورود . اعياه المرض فجأة وهو الذي ما تألم يومآ او تذمر او تأفف . اعياه المرض وهو يقاوم بابتسامة ممزوجة بالامل الكبير بالله تعالى ورحمته ؛ لكنه الداء الذي تسلل إلى جسده كما تتسلل النار الى الهشيم . اقعده المرض ولم تتبدل ابتسامته حين كان ينظر إلينا نظرة المريض المتفائل مبعدا عنا الحيرة والقلق !!!!
اعياه المرض رغم جهد كل الأطباء وتلقيه كافة الادوية ، ورغم العناية الدؤوبة التي كان يتلقاها . كان يخاطب المرض بارادته الصلبه قائلا له : ساقهرك ايها الداء ولن ادعك تدمر حياتي . لكن المقدر لا مفر منه !! رحمك الله يا والدي .
ها هي عيناي قد اغرورقت بالدموع بين كل كلمة وكلمة
كأنك الان انتقلت الى الفردوس الاعلى . كنت معك في كل لحظة
وما صدقت حينها انك ستغادرنا وان الموت سيخطفك منا بهذه السرعة القياسية !! اعذرني لم استطع ان افديك بكل ما املك ، فالمقدر لا مفر منه . مرضت وكنت اقرأ في عينيكَ كلماتٍ لم تقلها لنا .
قلت لنا : "سامحوني " ولم تقل لنا اين نلتقي !!!
لم تقل لنا ، ماذا نحن من بعدك ؟؟!!
اعذرني والدي فقد بللت عبراتي الأوراق فهل اتوقف ؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق