الأربعاء، 3 أبريل 2019

تل الزعتر... جرح يأبى النسيان بقلمي / تغريد الحاج الحلقة ثلاثة وستين

تل الزعتر...
جرح يأبى النسيان
بقلمي /  تغريد الحاج
الحلقة ثلاثة وستين
...
~~~~~~~~~~~~
لم تكن الحرب النفسية غائبه عن هذا الحصار، وكذلك الحرب الاعلاميه، لقد حاولت الجبهة اللبنانيه استخدام الحرب الإعلامية بشكل يومي في العشرة ايام الأخيرة من الحصار والمعركة التي حشدت لها الجبهة كل الإمكانيات  المتاحة، بشريا وماديا وإعلاميا، لقد تم تجنيد مرتزقه من الدول العربية وخاصة من اقباط مصر للمشاركة في هذه المعركة، مقابل وعود لهم لإعطائهم الجنسية، في الوقت الذي كانت مصر تعاني من البطالة والفقر وتوقف الكثير من المصانع عن العمل بعد حرب تشرين، لقد بدات الحرب الإعلامية في الوقت الذي كان مخيم تل الزعتر معزولاً عن العالم، لا محطات إذاعية، ولا محطات تلفزه، ولا جرائد، حتى الاتصالات الهاتفية كانت مقطوعة، عزلة أهل المخيم  لاكثر من ستة شهور، بدات فعليا بعد انقلاب الاحدب في آذار 1976، لم يكن احد يعرف هل كان الانقلاب لانهاء الحرب الأهلية، ام كان هدف الجبهة اللبنانيه استثماره لاطباق الحصار المحكم  على المخيم حيث استغلت اعلان حالة الطوارئ التي فرضت على البلاد، المخيم  لم يكن الا الضحيه في حرب الإعلام هذه، كانت الجبهة اللبنانيه تصدر ما شاء لها من اخبار وبيانات عن سير المعارك، وكانت تصور ان المعركة في تل الزعتر ضد المرتزقة الموجودين في المخيم، وان المدنيين محيدين عن القصف وعن سير المعارك، إلى ان وصلت الأوضاع إلى مرحلة أصبح قادة القوات الانعزالية في المحاور خاصة محور الدكوانه أن تنادي بمكبرات الصوت وبالاسماء، على مقاتلي المقاومة والحركة الوطنية  لتسليم أنفسهم ليضمنوا سلامتهم، وتارة بالوعيد والتهديد بقتلهم ..
حيث ارادو من هذا الإعلام ان يؤثروا على معنويات المقاتلين، والتأثير النفسي يلعب دورا في المعركة، لكن ذلك لم يزيد المقاتلين الا إصرارا على مواصلة القتال في معركة غير متكافئة، القيادة الفلسطينية في بيروت الغربية والجبل وقفت عاجزه امام هذا الحشد العسكري المفروض على المخيم  مقابل حوالي 400 مقاتل في المخيم، حاولت القياده ارسال وفد لمقابلة القياده السوريه لتغيير موقفها، لكن عبث حاول الوفد الذي ترأسه فاروق القدومي بإقناع القياده السوريه ان تكون وسيطا في الحرب الأهلية، لكن كان الجواب دائما، تل الزعتر ساقط عسكريا ان كنا او لم نكن، هذا مع العلم ان القيادي ابو اللطف من قيادات حركة فتح  المقربين مع سوريا، الا أن القيادة السورية كانت قد حسمت أمرها  سياسيا وعسكريا، رغم كل ذلك لم تصدر عن أهالي مخيم تل الزعتر نداءات استغاثة واستسلام، ولم تكن قيادة تل الزعتر تخاطب إلا القيادة الفلسطينية ويبلغها اول باول عن أوضاع المخيم ، مطالبين بحل يضمن سلامة المدنيين، لكن ماذا تفعل القيادة امام هذا الواقع الذي كان من المفروض معالجته منذ حادثة باص عين الرمانه، اما لادخال تعزيزات عسكرية لصمود المخيم أطول مده ممكنه، او التفاهم مع القيادة السورية لتجنيب المخيم كل ما حصل ...

الاعلام الحربي الذي حاولت استخدامه الجبهة اللبنانيه بان تنادي عبر مكبرات الصوت وعلى سبيل المثال، تقول :
( يا علي سالم سلم نفسك او يا محمد كروم ) وغيرهم الكثيرين، حتى وصل الامر بالنداء على مقاتلات من المخيم، هذا حقيقة رغم عدم  الالتفات إليه، والذي زاد المقاتلين إصرارا على القتال، الا انه زاد في حالة الارباك في المخيم، كان الانعزاليين يحاولون ان يصوروا لأهل المخيم بأنهم أصبحوا قريبين جدا من المخيم، وأنهم يسمعون مايدور من أحاديث  داخله، وهذه كذبة لم تنطلي على احد، لكنهم أصبحوا يعتمدون في حربهم الإعلامية هذه  على ما وصلهم من معلومات من الذين سلموا أنفسهم لهم، كل هذا حقيقة لم يؤثر على معنويات مقاتلي تل الزعتر، بقدر ما أثر موقف القيادة من تقصير  تجاه المخيم، فتارة كنا ندين هذا الموقف، وتارة أخرى نبرر هذا الموقف، لان القيادات الفلسطينية واللبنانية الوطنية باتت عاجزه عن مواجهة  هذه المعركة التي بدات من كل الجهات، معركة في مناطق صنين،ترشيش، عيون السيمان، عينطوره وغيرها، ومعركة في جبل لبنان صوفر، بحمدون  عاليه، سوق الغرب، ومعركة تل الزعتر من الجبل والمناطق الشرقيه، معارك غير متكافئة استخدمت بها كل أنواع الأسلحة، وكان من الممكن استخدام سلاح الطيران، لقد كانت المؤامرة أكبر من تل الزعتر واكبر من لبنان، لم يكن قرار المعركة بيد اللبنانيين فقط، ولا بيد الفلسطينيين فقط، وهكذا بدات النهاية  لملحمة بطولية تم تدريسها في أكاديميات الاتحاد السوفيتي، حول معركة تل الزعتر وهذا الصمود الجماهيري الذي لم يشهد مثله القرن العشرين ...

📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة 
                    من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان  )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق