الأحد، 14 أبريل 2019

شهادةٌ حَيّةْ في يوم سقوط مخيم تل الزعتر للحاجة امال عوض بقلم وتقديم ابورياح تل الزعتر اعداد تغريد الحاج

تذكروا كل صباح ومساء
تاريخ يأبى النسيان
ومكان ليس كاي مكان
تذكروا ان تل الزعتر
معجزة فاقت البيان
وان للزعتر لونا يختلف
عن كل الالوان ...
وللزعتر طعم الحنظل
فقد مات فيه البيلسان
وقتلت اطباق الورد
وداسوا شقائق النعمان
وروى ثرى ارضه شهداءُ 
ونعقت فوقه الغربان
يا تل الزعتر ....اقسم انك
 ليس كأي مكان ....
بقلمي
تغريد الحاج
-------------------------
وفاء منا لدماء الشهداء والجرحى والمفقودين ولاهلنا
في تل الصمود الاسطوري مخيمنا الذبيح تل الزعتر
سنبدا بنشر حلقات متتاليه من " شهادةٌ حَيّةْ "
للزعترية الحاجة امال عوض حفظها الله ....
تروى لنا  يوم سقوط مخيم تل الزعتر
 ابتداءا من يوم الجمعة القادم الموافق 12/4/2019
 بقلم وتقديم المناضل الزعتري ابورياح تل الزعتر
واعداد مديرة الملتقى تغريد الحاج
كونوا معنا على الموعد لمعرفة خبايا هذه المجزرة
والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار
بكم نلتقي ومعكم نرتقي للافضل دوما باذن الله

مديرة الملتقى
 تغريد الحاج

الحلقات .....

تل الزعتر
معجزة فاقت البيان
ولونا يختلف عن كل الالوان
انه تاريخ يأبى النسيان
~~~~~~~~
شهادةٌ حَيّةْ
في يوم سقوط
 مخيم تل الزعتر
للحاجة امال عوض
بقلم وتقديم
ابورياح تل الزعتر
اعداد تغريد الحاج

الحلقة الاولى ...
~~~~~~~~~
بالرغم من الاعتداءات والحوادث والحرب التي شُنت على المخيم خلال حرب السنتين مثل حادثة بوسطة عين الرمانة و ايار عام 1973 وبعض الاعتداءات المتفرقة التي كان يتعرض لها المخيم ، الا اننا كنا نعيش بأمن وامان وسلام في مخيم تل الزعتر في ظل وجود الثورة
و يكفي اننا تخلصنا من ظلم و ذل وحكم المكتب الثاني لأهل المخيم ..
والدي كان يملك محل سمانة لبيع الألبان والأجبان والمعلبات والحبوب وغيرها، واستمر الوضع على هذا الحال حتى بدء الهجوم الكبير
والأخير على مخيم تل الزعتر  بتاريخ 22 حزيران عام 1976 حيث استيقظنا هذا اليوم باكرا عند الساعة السادسة صباحا تقريبا على القصف المدفعي العنيف من كافة العيارات والصواريخ وبدأ القصف يشتد وأصوات الانفجارات تقترب أكثر فأكثر حينها طلب منا والدي رحمه الله الاستعداد للانتقال الى الأبنية المحيطة بالمخيم والتي قد تكون الأكثر امنا من بيوت المخيم، وقتها لم يكن اخوتي الشباب في البيت بل كل واحد في موقعه ومن كان في البيت هم والدي ووالدتي رحمهما الله واختي الصغيرة وأخي احمد الذي لم يكن قد بلغ عمره ال14 عاما واولاد أخي الكبير طفلين الكبير عمره حوالي عشرة أعوام.
غادرنا المنزل تحت القصف الشديد و توجهنا الى أحد الأبنية المقابلة لمعمل بوتاجي للمفروشات واختبأنا في مدخل هذه البناية حتى قبل الظهر تقريبا وكان صاحب البناية و لحسن الحظ عنده شقة فارغة في الطابق الأرضي فاعطاها لوالدي لنقي انفسنا من القصف، هذه الشقة كانت من جهة على مستوى إلارض و من جهة اخرى كانت تحت مستوى الأرض اي ان الشمس لا تدخلها ابدا ...

مر اليوم الأول والثاني والقصف على حاله من حيث الشدة والكثافة ونحن ننام على الأرض دون فراش أو أغطية أو أي شيء آخر ولا يوجد معنا الا القليل من الطعام، هنا تأكد والدي أن المعركة طويلة ولن تتوقف خلال أيام فقرر أن يذهب إلى بيتنا لإحضار ما يلزمنا من فراش وأغطية و طعام و معلبات من دكانه ومن البيت، الا انني طلبت منه أن أذهب انا بدلا منه إلى البيت مع أحد الأقارب واحضار ما نحن بحاجة له لان وجوده في البيت لرعاية الأسرة أهم بكثير من وجود أي شخص آخر وخوفا من ان يصاب او يستشهد والعائلة ستضيع من بعده لو حصل له اي مكروه لا سمح الله، وافقت والدتي على فكرتي وأقنعت والدي بها وفي اليوم الثالث ذهبت مع أحد الأقارب لإحضار ما نحتاجه أثناء فترة خف فيها القصف نسبيا ...

يتبع .....
----------------------
📌 وللزعتر طعم الحنظل فقد مات فيه البيلسان وقتلت اطباق الورد وداسوا شقائق النعمان وروى ثرى ارضه شهداءُ  ونعقت فوقه الغربان
يا تل الزعتر ....اقسم انك ليس كأي مكان ....



تل الزعتر
معجزة فاقت البيان
ولونا يختلف عن كل الالوان
انه تاريخ يأبى النسيان
~~~~~~~~
شهادةٌ حَيّةْ
في يوم سقوط
 مخيم تل الزعتر
للحاجة امال عوض
بقلم وتقديم
ابورياح تل الزعتر
اعداد تغريد الحاج
الحلقة الثانية ...
~~~~~~~~~
توجهتُ إلى البيت برفقة أحد الأقارب جمعت بعض الفراش والاغطية طويتها فوق بعضها و ربطتها ببطانية و حملتها على رأسي ثم أخذت بعض الملابس ووضعتها في حقيبة كبيرة و عدت إلى البيت ثم توجهت مرة أخرى في نفس اليوم وأحضرت من دكانه ابي بعض المعلبات و الأطعمة و كمية من الشموع للانارة و أدوات مطبخ وكمية من الخبز كانت موجودة في البيت، وفي طريق العودة اصبت بشظية طلقة قناص متفجرة أصابت حائطا قربي وإصابتني اصابة طفيفة بيدي، وتكرر ذهابي إلى المنزل عدة مرات في أول أسبوعين لإحضار ما نحن بحاجة له إلى أن ذهبت في أحد الأيام فوجدت دكان أبي مدمرة و البيت أصيب بأضرار كبيرة جدا من جراء القصف ...

قضينا فترة الحصار الأخير في هذه الشقة على ضوء الشموع مع تقنين في تناول الطعام والماء الذي ندر وجوده، الماء كنت اجلبه مع أخي الصغير أحمد من مصدره الوحيد في المخيم والذي أطلق عليه اسم المصيدة وبئر الموت لكثرة ما استشهد من اهل المخيم الأبرياء من جراء القصف والقنص والرمايات الرشاشة من القوات الانعزالية لايقاع أكبر عدد من الشهداء، اصبت مرتين بالإضافة إلى الإصابة  الأولى بالكتف و الرأس وكانت إصابات طفيفة والحمد لله، وطبعا لم يكن العلاج المتوفر حينها الا الماء و الملح فقط لتطبيب هذه الجروح .

كما سبق و ذكرت اخوتي الشباب كل واحد في موقعه يقوم بواجبه الشهيد خالد كان يأتي إلى البيت ليأخذ قسطا من الراحة و النوم ثم يعود إلى موقعه، بتاريخ 27 تموز حضر كعادته وخرج مع أخي أحمد إلى مدخل البناية ليدخن سيجارة لأنه لم يكن يجرؤ على التدخين بوجود والدي فجأة سقطت قذيفة مدفعية بينهما أدت إلى استشهاد خالد وإصابة أحمد بجروح في مختلف أنحاء جسمه، بينما أخي
 أبو سمير كان مسؤولا عن موقع الدوشكا الموجود قرب مركز الصيانة، وأخي أبو رياح كان في مركز عمله في غرفة العمليات التابعة لحركة فتح ولم يكن بإمكانه ترك عمله، ولم نكن نعلم عنه شيء قبل بداية الهجوم الأخير بعشرة ايام، لذلك وقعت مسؤولية جلب الماء إلى اهلي على عاتقي انا...

يتبع .....
----------------------
📌 وللزعتر طعم الحنظل فقد مات فيه البيلسان وقتلت اطباق الورد وداسوا شقائق النعمان وروى ثرى ارضه شهداءُ  ونعقت فوقه الغربان
يا تل الزعتر ....اقسم انك ليس كأي مكان ....


تل الزعتر
معجزة فاقت البيان
ولونا يختلف عن كل الالوان
انه تاريخ يأبى النسيان
~~~~~~~~
شهادةٌ حَيّةْ
في يوم سقوط
 مخيم تل الزعتر
للحاجة امال عوض
بقلم وتقديم
ابورياح تل الزعتر
اعداد تغريد الحاج
الحلقةالثالثة ...
~~~~~~~~
بعد مرور حوالي الشهر على بدء الهجوم ذهبت والدتي إلى مقر عمل اخي ابو رياح لتطمئن عليه وتتاكد انه بخير وابلغته عن مكان وجودنا لأنه لم يكن يعلم اين نحن أو ما حل بنا .
وبتاريخ 27 تموز غادر ابو رياح مقر عمله وحضر إلى البيت لزيارتنا
و الاطمئنان عنا على امل ان يعود في اليوم التالي إلى عمله، عندما وصل إلى البيت وجد اخي خالد قد استشهد و جثمانه موجود في موقع الدوشكا فذهب فورا إلى هناك وبات ليلته بالقرب من اخي الشهيد وفي صباح اليوم التالي 28 تموز سقطت قذيفة على الموقع أصيب ابو رياح بعدة شظايا في أنحاء جسمه وعينه و خرج من المخيم  مع أول دفعة من قوافل الصليب الأحمر بتاريخ 3 اب  إلى مستشفيات بيروت الغربية وبرفقته أخي أحمد، وبعدها بيومين أو ثلاثة أيام أصيب أخي أبو سمير بساقه و يده اليمنى، وبالرغم من الالتهابات والورم و الاحمرار الذي أصاب ساقه إلا أنه لم يغادر موقعه
وبقي صامدا فيه حتى يوم السقوط 12/8/1976 .....
مساء يوم  11/8 و صباح يوم 12/8 بدأت تنتشر اخبار انسحاب المقاتلين من المخيم عبر طريق الجبل وبدأت الإشاعات تنتشر ايضا عن دخول القوات الانعزالية إلى المخيم مرة من الشرق ومرة من الغرب
وبدأ الخوف والارباك والحيرة يسيطر علينا وبدأنا نسأل عن المستقبل ومصير الأطفال والنساء ووقعنا في حيرة من أمرنا و ما العمل؟؟؟؟
 ثم بدأت تصل اخبار عن ذهاب الأهالي إلى الدكوانة ليتم نقلهم إلى بيروت الغربية، هنا جاء أخي أبو سمير و أخبرنا أن الأوامر صدرت بانسحاب المقاتلين عن طريق الجبل والمدنيين عن طريق الدكوانة
وانه سينسحب مع المقاتلين عن طريق الجبل وتم تأمين عصا له ليستند عليها بسبب إصابته في ساقه وسيساعده  الاخوة الذين كانوا معه في الموقع، فحمل بندقيته ال M-16 و جعبة الصدر المليئة بالمخازن والذخائر وعدد من القنابل وودعنا فردا فردا وتوكل على الله بعد أن طلب رضى الوالدين وغادرنا ....
بعد ذلك بوقت قصير حمل والدي بندقية وترافق مع عدد من الجيران والاصدقاء وانسحب معهم عن طريق الجبل أيضا بعد أن ودعنا هو الآخر و أوصى والدتي بأولاد أخي الاطفال واعطاها مئة ليرة لبنانية كي تدفعها اجرة تكسي إلى بيروت الغربية وطلب منها أن تأخذنا
وتنزل بنا إلى الدكوانة مثل باقي أهالي المخيم المدنيين
( في ذلك الوقت كانت المئة ليرة كانت تكفي مصروف أسرة لمدة ما بين عشرين يوما و الشهر ) ...
بعد أن غادرنا أخي أبو سمير وبعده والدي خرجنا من البيت وسلكنا الطريق من أمام معمل بوتاجي وبدأت أرى النساء و الأطفال واسمع اصوات العويل والصراخ والبكاء وكان الخوف ظاهرا على الوجوه من المستقبل المجهول الذي ينتظر الناس في الدكوانة وبعد أن مشينا مسافة ليست قصيرة تقدر بمئات الامتار شاهدت عددا من الشهداء من الأطفال والنساء وكبار السن كان قد تم اعدامهم رميا بالرصاص من قبل القوات الانعزالية، هنا لا أدري ماذا حصل لي كأنني فقدت وعيي
ورشدي أو انني فقدت ذاكرتي لم أعد اعلم اين انا أو كيف امشي أو أي طريق أسلك و ذلك بسبب الصدمة مما شاهدت وسمعت ... ربما !!!!
 أو بسبب وداع أخي وابي أومشاهدة جثث الشهداء الملقاة على جانب الطريق أو ربما كل هذه الأسباب مجتمعة !!!!!!
 صدقا لا أعرف السبب وقبل أن نصل إلى الدكوانة مكان تجمع الأهالي شاهدت عددا اكبر من الشهداء من النساء و الأطفال على جانبي الطريق ربما لأن الصدمة كانت أكبر بكثير فجأة عدت إلى طبيعتي كما كنت سابقا و بدأت أدرك و اعرف ما يدور حولي و أمام عيني !!!!!

يتبع .....
----------------------
📌 وللزعتر طعم الحنظل فقد مات فيه البيلسان وقتلت اطباق الورد وداسوا شقائق النعمان وروى ثرى ارضه شهداءُ  ونعقت فوقه الغربان
يا تل الزعتر ....اقسم انك ليس كأي مكان ....



تل الزعتر
معجزة فاقت البيان
ولونا يختلف عن كل الالوان
انه تاريخ يأبى النسيان
~~~~~~~~
شهادةٌ حَيّةْ
في يوم سقوط
 مخيم تل الزعتر
للحاجة امال عوض
بقلم وتقديم
ابورياح تل الزعتر
اعداد تغريد الحاج
الحلقة الرابعة ...
~~~~~~~~~
لقد كان الخوف يسيطر على صبايا مخيم تل الزعتر ليلة السقوط والمجزرة، لقد فاقت جرائم القوى الانعزالية جرائم النازية وكل دكتاتوريات العالم ومعاركه، حتى معارك القرون الوسطى لم تشهد مجازر بهذه الأفعال التي ارتكبت بحق أهالي تل الزعتر ...
كان خوف صبايا تل الزعتر  ليس من القتل وهنّ من عاشوا الحصار والمعارك ووالنضال والشهادة، كان خوفهم من خساسة المجرمين الانغزاليين في المعركة، وكان معظم مقاتلي القوى الانعزالية يقاتلون تحت تأثير المخدرات والمشروبات الكحوليه، ولم يكن لديهم أي ضابط او مانع أخلاقي من ممارسة كل قذارات العالم التي تجمعت بهم ليلة السقوط ...
كان خوف الصبايا على أنفسهم من عمليات الاغتصاب التي قد تتعرض لها أي صبية من قبل هؤلاء الحاقدين الهمجيين المجرمين الذين لا يردعهم أخلاق ولا دين، لقد كانوا اداة للقتل والفتك ليس اكثر
وهكذا ارادوهم في ساحة الدكوانة ...
وعندما نزل أهالي المخيم اليها، لقد كان خوف صبايا المخيم من هذه اللحظة التي قد تتعرض لها، لان شرف البنت الفلسطينية هو قدس مقدس، كثيرات منهنّ انتحرن، نعم قتلنّ انفسهنّ خوفا من هذه اللحظة  التي قد تمر بها، وكثيرات منهنّ فضلنّ سلوك طريق الجبل الوعرة والغير معروفة لهن والغير مضمونة الوصول للمنطقة الغربية، وخوفا من المصير الذي ينتطرهن في ساحة الدكوانة .....
كثيرات من صبايا الزعتر قامت امهاتهن بوضع الرماد الأسود على وجهوهم والبسنهنَّ ملابس رثة متسخة وكان هذا السواد يحجب رؤيتهنّ عن اعين الجبناء الانعزاليين، كثيرات فقدنَ في الجبال ولم يعرف مصيرهنَ لغاية الان !!!!
صبايا تل الزعتر فلسطينيات تربينَّ على الشرف والطهارة والعفة والحفاظ على أغلى ما تملك الفتاة، لكن القوى الانعزالية لم تكن تعرف معنى الشرف ولا معنى الطهارة فهم وحوش في حالة التخدير والسُكر
وفي لحظة غاب بها ضمير العالم وفي ليلة لاول مرة لم يسمع الأذان من تل الزعتر او النبعة، ارتكبت الجرائم بحق الأبرياء المدنيين العزل
في ساحة الدكوانة، فكيف ننسى وكيف نغفر !!!؟؟؟؟
ما ان وصلنا الى الدكوانة حتى بدأنا نرى الجثث على الأرض وشاهدنا عدد من المرتزقة الزنوج يحملون السلاح مع الانعزاليين، كانت اشكالهم وهيئتهم مخيفة لونهم اسود غامق، ذقونهم وشعرهم طويل، شفاهم غليظة وشكلهم مرعب فعلا، وللاسف تفاجأنا بوجود سيارات عسكرية عليها شعارات احدى الدول العربية !!!!!! وكان اول سؤال وجهوه لنا
هل لا زال مسلحين في المخيم ؟؟؟؟ وكان ردنا عليهم اننا لا نعلم ...
تم ادخالنا الى ساحة احد المدارس وأقفلت بوابة الحديد الكبيرة وبدأ مسلحوا الانعزاليين يدخلون الى ساحة المدرسة بين الحين والاخر ليختاروا الفتيات القاصرات باشارة أصبع ويأخذونهن ويقتادوهن بمنتهى الوحشية والاجرام والحقد وبعد  الاعتداء على شرفهن يتم اعدامهن رميا بالرصاص، ومن كانت تعارض الانصياع لاشارة اصبعهم وترفض الذهاب معهم وتقاوم كانوا يأخذونها بقوة السلاح والضرب بالاضافة الى الشتائم بمنتهى القذارة التي يخجل الانسان ان يذكرها ...
من المشاهد التى لا يمكن ان انساها او تغيب عن ذاكرتي وحين اذكرها اشعر برعشة تجتاح كياني والدموع تنهال دون وعي، هذا المشهد الافظع اجراما حين جاء احد الانعزالين المجرمين لياخد صبية وما كان منها الا ان تقاومهم وتصرخ وتشد بأمها وهم يحاولون شدها وحين عجزوا عن فصلها عن امها اقتادهما سويا الى خلف جدار المدرسة وكانت الصرخات تتعالى وتتعالى والام تناشدهم ان يتركوا ابنتها التى قاموا باغتصابها هلى مراى من والدتها وجاء بعدها صوت اطلاق الرصاص ليصمت الصراخ وتكون الشهادة !!!
وكذلك كانوا يأخذون الاطفال الذكور من مختلف الاعمار ويعدمونهم رميا بالرصاص بمنتهى الاجرام  ... 

يتبع .....
----------------------
📌 وللزعتر طعم الحنظل فقد مات فيه البيلسان وقتلت اطباق الورد وداسوا شقائق النعمان وروى ثرى ارضه شهداءُ  ونعقت فوقه الغربان
يا تل الزعتر ....اقسم انك ليس كأي مكان ....

تل الزعتر
معجزة فاقت البيان
ولونا يختلف عن كل الالوان
انه تاريخ يأبى النسيان
~~~~~~~~
شهادةٌ حَيّةْ
في يوم سقوط
 مخيم تل الزعتر
للحاجة امال عوض
بقلم وتقديم
ابورياح تل الزعتر
اعداد تغريد الحاج
الحلقة الخامسة ...
~~~~~~~~~
هنا بدأ القلق والخوف يراودنا ونسأل نفسنا ما هو مصيرنا ؟؟!!!!
 الاعدام؟؟؟؟!!!! ام  الاغتصاب؟؟!! ام التعذيب؟ او كلها؟؟؟؟
اسئلة لم يكن لدينا اجوبة لها، وكانت اللحظة تمر كأنها سنة ونحن لا حول لنا ولا قوة ولا ندري ماذا نفعل، ساعات قضيناها في المدرسة كأنها دهور مليئة بالخوف والرعب على امي واختي الصغيرة وأولاد أخي الطفلين، لم يكن امامنا الا الصبر والانتظار والدعاء الى الله ان يخلصنا من هذه الازمة وقراءة ما امكن من سور القرآن الكريم.
ولحماية نفسي كنت كلما دخل المسلحين الى الساحة اضع ابن اخي الصغير في حضني وأكلمه باللهجة اللبنانية على أنه ابني وأسأله ان كان جائعا او عطشانا واستمر هكذا الى أن يبتعد عني المسلحين ...

في ساحة المدرسة التقينا بخالتي وبناتهاالاطفال، بعد ان تم اغتصاب عدد من الفتيات القاصرات واعدام الاطفال تم فتح بوابة الحديد الكبيرة وسمحوا للاهالي بالخروج من الساحة، هنا شاهدت امرأة تحمل طفلة عمرها أقل من سنة، اقتربت من احد المسلحين وطلبت منه قارورة ماء لتروي ظمأ طفلتها فكانت ردة فعله ان بدأ بتوجيه الشتائم لها وشتم الرسول الأكرم عليه افضل الصلاة والسلام وشتم العزة الالهية ثم امسك برجل الطفلة واخذها من حضن امها وبدأ يلوح بها في الهواء عدة مرات وضربها بالارض بقوة ففارقت الحياة، فأعادت الأم الطفلة الى حضنها وهي شهيدة. ثم اخذت مجموعة من المسلحين طفلا من بين اهله واوقفوه قرب كومة من القمامة واحضروا امرأة موالية لهم واعطوها سلاحا وقامت باطلاق النار على رأس الطفل فسقط شهيدا، وقد حملها المسلحون على اكتافهم ورفعوا يدها وهي تردد بصوتها العالي "اليوم اخذت بثأرك يا طوني" وكررت هذه الجملة عدة مرات.
هنا اود ان اشير ان هناك الكثير الكثير من الاحداث والصور والمشاهد المقززة والتى يندى لها الجبين مارسها الانعزاليين لا اريد سردها لقساوتها وشدة ألمي لمجرد ذكرها !!!!!

بعد ان اصبحنا خارج ساحة المدرسة اقتربت والدتي من احدهم واعطته المئة ليرة وطلبت منه تأمين سيارة لنا لتنقلنا الى بيروت الغربية فرد عليها قائلا "المئة ليرة لا تكفي" عندها تناولت خالتي من جيبها اسوارة ذهب واعطته اياها وقالت "هل هذا يكفي؟". فقال لها "هيك ممكن" مع العلم ان اجرة التاكسي من الدكوانة الى بيروت الغربية في الايام العادية لا تكلف اكثر من خمس ليرات !!!
 نادى احد سائقي التاكسي ولا ادري كم اعطاه من المال وأمره ان ينقلنا الى بيروت الغربية ...

يتبع .....
----------------------
📌 وللزعتر طعم الحنظل فقد مات فيه البيلسان وقتلت اطباق الورد وداسوا شقائق النعمان وروى ثرى ارضه شهداءُ  ونعقت فوقه الغربان
يا تل الزعتر ....اقسم انك ليس كأي مكان ....


تل الزعتر
معجزة فاقت البيان
ولونا يختلف عن كل الالوان
انه تاريخ يأبى النسيان
~~~~~~~~
شهادةٌ حَيّةْ
في يوم سقوط
 مخيم تل الزعتر
للحاجة امال عوض
بقلم وتقديم
ابورياح تل الزعتر
اعداد تغريد الحاج
الحلقة السادسة ...
~~~~~~~~~
صعدنا بالسيارة نحن وخالتي وبناتها لا ادري اي طريق سلكنا الى ان وصلنا الى محطة بنزين في منطقة حي السريان، هنا أمرنا السائق بالنزول من السيارة قبل أن ننزل من السيارة كنت أعتقد أن المجزرة
قد انتهت في الدكوانة، لكن عندما نزلنا من السيارة اكتشفت ان الجزء الثاني او تتمة مجزرة الدكوانة تحصل هنا، حيث كان يتم اعدام الاطفال الذكور الناجين من مجزرة الدكوانة، كانوا يدخلون الاطفال الى غرفة ملاصقة للمحطة ويعدمونهم رميا بالرصاص، وقد شاهدت جثث الشهداء في هذه الغرفة مكدسة فوق بعضها كأنها كومة من الحطب والحيطان ملطخة بالدماء، و كذلك كان يتم سحل جثث الشهداء بالسيارات أمام الناس وما هي إلا دقائق حتى جاءت سيارة تسير ببطء ومربوط بها جثة شهيد مقطوعة الرأس ويبدو أن هذه السيارة كانت تجول على حواجزهم و مناطق تواجدهم لاني كنت لمحت هذه السيارة والجثة في الدكوانة عن بعد ولم أتأكد منها .

هجم عليّ احد المسلحين واراد انتزاع الساعة من يدي بالقوة فقمت باعطائه اياها طوعا ولحسن حظنا وصلت سيارة اخرى مليئة بالمدنيين من تل الزعتر، وتلتها عدة سيارات فتركنا المسلحون وذهبوا الى السيارات الوافدة ، هنا استغليت هذه الفرصة وتوجهنا نحو ساتر ترابي قريب نسبيا من هذا الموقع وانا احمي ابن اخي بجسمي ودفعته من فوق الساتر الترابي ودخلنا نحن بعده، ووصلنا منطقة الامان ولا ادري من او كيف وصلنا الى نقطة تجمع الاهالي في دار المعلمين في منطقة بئر حسن، وهنا بدأت معاناة جديدة !!!

يتبع .....
----------------------
📌 وللزعتر طعم الحنظل فقد مات فيه البيلسان وقتلت اطباق الورد وداسوا شقائق النعمان وروى ثرى ارضه شهداءُ  ونعقت فوقه الغربان
يا تل الزعتر ....اقسم انك ليس كأي مكان ....


تل الزعتر
معجزة فاقت البيان
ولونا يختلف عن كل الالوان
انه تاريخ يأبى النسيان
~~~~~~~~
شهادةٌ حَيّةْ
في يوم سقوط
 مخيم تل الزعتر
للحاجة امال عوض
بقلم وتقديم
ابورياح تل الزعتر
اعداد تغريد الحاج
الحلقة السابعة ...
~~~~~~~~~
وصلنا إلى دار المعلمين في بئر حسن، لا يوجد كلمات ولا صور ولا افلام تستطيع إظهار ما يدور في رأسنا وقلبنا ومخيلتنا أو تظهر حقيقة شعورنا واحساننا، بدأنا نفكر من قتل مِن اقاربنا وجيراننا واصدقائنا من اهل المخيم ؟ ومن جرح ؟ من اغتصبت؟ ومن ذاق التعذيب والعذاب بأنواعه؟ واين هم باقي اهل المخيم وما هو مصيرهم؟
لعل السؤال الاهم كان ما هو مصير المقاتلين والمدنيين الذين انسحبوا عن طريق الجبل همنا الأكبر كان اين سنذهب ونسكن كنا في حالة ضياع تام لدرجة اننا نسينا أن اختنا تسكن مع زوجها وأولادها في منطقة الطريق الجديدة في بيروت الغربية ...
 أسئلة كثيرة  تراودنا في لحظة واحدة من دون أن نجد لها أي جواب  قلق وخوف يسيطر علينا ممزوجا ببكاء وصراخ النساء الأطفال، بعد حوالي الساعتين او اكثر حضرت اختي وزوجها إلى مكان تواجدنا حيث انهم كانوا يبحثون عنا والتقينا  وكان السلام والعناق وتبادل القبل الحارة ولم نتفوه بأي كلمة لدقائق ولم نسمع إلا صوت الدموع المنهمرة من المقل وبعدها سألت اختي اين ابي واخوتي ؟؟؟
 فابلغناها عن استشهاد خالد وانسحاب الوالد واخي ابو سمير عن طريق الجبل، أخذتنا اختي معها إلى بيتها قضينا اليوم الأول كله في الحديث عن ما حصل معنا في المخيم وفي رحلة الموت والخوف والعذاب من لحظة الخروج من المخيم حتى وصولنا إلى بيروت الغربية، وفي صباح اليوم التالي ذهبنا إلى المستشفى لزيارة أخي
 أبو رياح واخي أحمد كل في مستشفى مختلفه حيث تم توزيع الجرحى كلا حسب نوع اصابته، بعد يومين وفي ساعة متأخرة
من الليل طُرق باب منزل اختي،  ويا ترى من  الطارق ؟؟؟!!!!

يتبع .....
----------------------
📌 وللزعتر طعم الحنظل فقد مات فيه البيلسان وقتلت اطباق الورد وداسوا شقائق النعمان وروى ثرى ارضه شهداءُ  ونعقت فوقه الغربان
يا تل الزعتر ....اقسم انك ليس كأي مكان ....



تل الزعتر
معجزة فاقت البيان
ولونا يختلف عن كل الالوان
انه تاريخ يأبى النسيان
~~~~~~~~
شهادةٌ حَيّةْ
في يوم سقوط
 مخيم تل الزعتر
للحاجة امال عوض
بقلم وتقديم
ابورياح تل الزعتر
اعداد تغريد الحاج
الحلقة الثامنة والاخيرة ...
~~~~~~~~~~~~~~~
عندما فتح صهري الباب واذا به أخي أبو سمير الجريح ، لا أنكر أن فرحتنا كانت كبيرة جدا لرؤيته حيا يرزق لأننا لم نتوقع أن يصل سالما بسبب إصابته ولكن فرحتنا كانت ناقصة لعدم وجود الوالد معه ، سألناه عن الوالد فأجاب انه لم يراه و لا يعرف عنه شيئا، طلبنا منه أن يروي لنا ما حصل معه فقال :
( عندما وصلنا إلى منطقة خارج سيطرة القوات الانعزالية أبلغت الاخوة انني لم أعد قادرا على الاستمرار بالمشي وطلبت منهم متابعة سيرهم وان يرسلوا لي شخصا مع حصان أو ما شابه كي ينقلني من هنا ، تابع الشباب سيرهم بعد أن تركوا معي أحد الإخوة، بعد ساعات وصل أحدهم ومعه بغل ونقلني إلى مستوصف ميداني في بلدة العبادية هنا التقيت بالشهيد خليل الوزير ( ابو جهاد ) رحمه الله وبعد السلام والعناق وتبادل القبلات الحارة اطمأن عني وامر بإحضار سيارة إسعاف لنقلي إلى مستشفى في مدينة عاليه لإجراء عملية جراحية في ساقي، وهذا ما حصل، ورفضت البقاء في المستشفى بناءا على طلب الطبيب لاني اريد الاطمئنان عنكم وها أنا أمامكم الآن ) ...
 اهتمامنا وتفكيرنا توجه نحو والدي الآن بعد أن وصل أخي أبو سمير كنا كل يوم نتوقع أن يصل لكن دون جدوى !!!!
بقينا في بيت اختي إلى أن اتخذ القرار باسكان اهل تل الزعتر في الدامور، أعطتنا اختي بعض الفرشات والاغطية وبعض لوازم الطبخ وانتقلنا للسكن في الدامور هنا واجهنا مشكلة كبيرة ومعاناة أكبر مما كما نتوقع، المنازل غير جاهزة وغير صالحة للسكن لا يوجد شبابيك ولا أبواب ولا مراحيض ولا ماء أو كهرباء، بدأ إقفال الشبابيك بالنايلون
و تركيب أبواب غير لائقة ابدا والغرف لا زالت آثار الحريق ظاهرة بها والافاعي تعيش بين البيوت إضافة إلى ذلك المساعدات المادية و التموينية وغيرها كانت اقل من المطلوب بكثير وكانت الحياة لا تطاق ابدا ولكن صبرنا على امل ان يتحسن الوضع، ومرت الايام والاسابيع والشهور ونحن ننتظر عودة الوالد وكل يوم نسمع اخبار واشاعات عن المفقودين الذين انسحبوا عن طريق الجبل، إشاعة تقول انهم اسرى عند القوات الانعزالية وممكن اطلاقهم مقابل مبلغ كبير من المال وأخرى تقول ان القوات السورية اعتقلتهم ونقلتهم إلى سوريا وأخرى تفيد انهم استشهدوا نتيجة القصف العنيف لكن لا شيء مؤكد !!!!
بقينا في الدامور لمدة اقل من سنة لا الوالد عاد ولا الأوضاع المعيشية تحسنت كما يجب ، بناءا على ذلك وانطلاقا من قناعتنا أن الدامور ليس ملكا لنا قرر اخوتي استئجار منزل لنا في إحدى بلدات إقليم الخروب وانتقلنا للسكن هناك ولا زلنا حتى الآن في هذه المنطقة وبقي اخوتي في عملهم بالدامور، لا زلنا حتى اليوم ننتظر المستحيل  بعودة والدي ...
هذه شهادتي و مشاهدتي صحيح انها مؤلمة جدا تدمع العين وتدمي القلب لكن لا بد من إظهار حقيقة ما حدث لتلنا الذبيح أمام الجميع ...

----------------------
📌 وللزعتر طعم الحنظل فقد مات فيه البيلسان وقتلت اطباق الورد وداسوا شقائق النعمان وروى ثرى ارضه شهداءُ  ونعقت فوقه الغربان
يا تل الزعتر ....اقسم انك ليس كأي مكان ....







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق