تل الزعتر...
جرح يأبى النسيان
بقلمي / تغريد الحاج
الحلقة السابعة والستين
ما قبل الأخيرة
.....
~~~~~~~~~~~
تاريخ مشؤوم، ويوم اسود، يوم 12/8/76، لن يمحى من تاريخ شعبنا الفلسطيني، ولا من ذاكرة الأجيال القادمة لأبناء مخيم تل الزعتر، تاريخ مجزرة تبقى ماثلة في أذهان من عايشها، مجزرة تحكيها الاجيال، تنتقل ذكرياتها من جيل إلى جيل، تؤرخها الوثائق والمستندات، لتكون شاهدة على برابرة العصر في القرن العشرين، لم يسقط في معركة تل الزعتر التي استمرت 52 يوماً، ربع العدد الذي سقط في ذلك اليوم، لقد كان الخروج من المخيم عشوائيا، بدون ترتيب، بدون ضمانات، بدون غطاء سياسي من اي طرف، مخيم تُرِك سكانه يقررون مصيرهم، واي مصير يقررون وقد وقعوا بين يدي عدوٍ أقل ما يقال عنه أنه جبان، جبان في المواجهة، وجبان بتعامله مع المدنيين الذين يعتبرون أسرى معركة، في ذلك اليوم المشؤوم ما ان انبلجت شمس الصباح حتى
بدات المجزرة في الدكوانة، كانت الخمرة والمخدرات قد بلغت ذروتها في عقول مقاتلي الكتائب وحراس الارز، وبعد أن تم الفرز العنصري، حتى بدا اخذ الشباب اول بأول إلى خلف مدرسة الدكوانة حيث تتم عملية التصفيات الجسدية، وكل من يحاول أن يلحق بابنه او شقيقه او حفيده كان يقتل فورا، عائلات بأكملها لم يخرج منها أحد حتى أطفالها، قتلت في تلك اللحظات، كانوا احيانا ينادون بالاسماء، وما أن يجيب احدا كانوا يأخذونه أمام الجميع ويعدمونه رميا بالرصاص، كان ازيز الرصاص يسمع في غرف المدرسة، الكل كان يقرأ الشهادة بصوت خافض، الكل كان يقرأ سورة الفاتحة، الكل كان ينتظر الموت في أي لحظة، لم ارَ في حياتي وجوماً ويأسا كما حدث في ذلك اليوم، صراخ الشهداء قبل أن تفارق الروح أجسادهم وهم ينطقون الشهادة، وكأنها معركة الخندق او كربلاء، ولكنها أصعب وأقسى بكثير، حين تشاهد نساء يقطعن رقاب الرجال وهن تتلذذن بهذا الفعل، يتنابك شعور بأن تعاليم الإنجيل وأخلاق سيدنا عيسى عليه السلام قد طويت، وكانوا يقولون جهرا إذا كان المسيح فلسطيني فإننا لا نؤمن به، وفعلاً أثبتوا بجرائمهم هذه ما قالوه، لا حرمة القتل العمد والذبح والسحل على الطريق العام في الدكوانة على مرآى ومسمع ضباط عرب كان بإمكانهم القول كفى فيتوقف الكتائبيون عن القتل والاعدام، لكن كيف يطلب ممن خطط وأشرف على وساهم في هذه المعركة على مخيم كان قبل السقوط مملكة الفقراء، بعض الشباب كانوا يختبؤون خلف النساء اللواتي شكلنّ غطاء لهم، لكن اعين القاتلين كانت تراقب كل حركة، كانوا يدخلون الغرف فجأة ويطلبون من النساء الوقوف، وعندما يجدون شابا يأخذونه ثم يسمع بعد ذلك صوت الرصاص، كانوا يتفنون بالقتل على الطريقة النازية، بقروا بطون الأمهات، قتلوا الأجنة في بطون امهاتهنّ، قتلوا صبايا واغتصبوا البعض منهنّ علنا، مجزرة إذا قيست بمجازر النازية أو القرون الوسطى لكانت الابشع، مخيم ترك وحيداً والموت ينتظر أبناءه على الطرقات من الدكوانة إلى بيروت الغربية، ومن الدكوانة إلى بكفيا، إلى سهل البقاع، الموت منتشر في كل زاوية وكل شارع، وكل طريق تسلكه قوافل المدنيين الفلسطينيين في رحلة الموت في ذلك اليوم .....
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان )
جرح يأبى النسيان
بقلمي / تغريد الحاج
الحلقة السابعة والستين
ما قبل الأخيرة
.....
~~~~~~~~~~~
تاريخ مشؤوم، ويوم اسود، يوم 12/8/76، لن يمحى من تاريخ شعبنا الفلسطيني، ولا من ذاكرة الأجيال القادمة لأبناء مخيم تل الزعتر، تاريخ مجزرة تبقى ماثلة في أذهان من عايشها، مجزرة تحكيها الاجيال، تنتقل ذكرياتها من جيل إلى جيل، تؤرخها الوثائق والمستندات، لتكون شاهدة على برابرة العصر في القرن العشرين، لم يسقط في معركة تل الزعتر التي استمرت 52 يوماً، ربع العدد الذي سقط في ذلك اليوم، لقد كان الخروج من المخيم عشوائيا، بدون ترتيب، بدون ضمانات، بدون غطاء سياسي من اي طرف، مخيم تُرِك سكانه يقررون مصيرهم، واي مصير يقررون وقد وقعوا بين يدي عدوٍ أقل ما يقال عنه أنه جبان، جبان في المواجهة، وجبان بتعامله مع المدنيين الذين يعتبرون أسرى معركة، في ذلك اليوم المشؤوم ما ان انبلجت شمس الصباح حتى
بدات المجزرة في الدكوانة، كانت الخمرة والمخدرات قد بلغت ذروتها في عقول مقاتلي الكتائب وحراس الارز، وبعد أن تم الفرز العنصري، حتى بدا اخذ الشباب اول بأول إلى خلف مدرسة الدكوانة حيث تتم عملية التصفيات الجسدية، وكل من يحاول أن يلحق بابنه او شقيقه او حفيده كان يقتل فورا، عائلات بأكملها لم يخرج منها أحد حتى أطفالها، قتلت في تلك اللحظات، كانوا احيانا ينادون بالاسماء، وما أن يجيب احدا كانوا يأخذونه أمام الجميع ويعدمونه رميا بالرصاص، كان ازيز الرصاص يسمع في غرف المدرسة، الكل كان يقرأ الشهادة بصوت خافض، الكل كان يقرأ سورة الفاتحة، الكل كان ينتظر الموت في أي لحظة، لم ارَ في حياتي وجوماً ويأسا كما حدث في ذلك اليوم، صراخ الشهداء قبل أن تفارق الروح أجسادهم وهم ينطقون الشهادة، وكأنها معركة الخندق او كربلاء، ولكنها أصعب وأقسى بكثير، حين تشاهد نساء يقطعن رقاب الرجال وهن تتلذذن بهذا الفعل، يتنابك شعور بأن تعاليم الإنجيل وأخلاق سيدنا عيسى عليه السلام قد طويت، وكانوا يقولون جهرا إذا كان المسيح فلسطيني فإننا لا نؤمن به، وفعلاً أثبتوا بجرائمهم هذه ما قالوه، لا حرمة القتل العمد والذبح والسحل على الطريق العام في الدكوانة على مرآى ومسمع ضباط عرب كان بإمكانهم القول كفى فيتوقف الكتائبيون عن القتل والاعدام، لكن كيف يطلب ممن خطط وأشرف على وساهم في هذه المعركة على مخيم كان قبل السقوط مملكة الفقراء، بعض الشباب كانوا يختبؤون خلف النساء اللواتي شكلنّ غطاء لهم، لكن اعين القاتلين كانت تراقب كل حركة، كانوا يدخلون الغرف فجأة ويطلبون من النساء الوقوف، وعندما يجدون شابا يأخذونه ثم يسمع بعد ذلك صوت الرصاص، كانوا يتفنون بالقتل على الطريقة النازية، بقروا بطون الأمهات، قتلوا الأجنة في بطون امهاتهنّ، قتلوا صبايا واغتصبوا البعض منهنّ علنا، مجزرة إذا قيست بمجازر النازية أو القرون الوسطى لكانت الابشع، مخيم ترك وحيداً والموت ينتظر أبناءه على الطرقات من الدكوانة إلى بيروت الغربية، ومن الدكوانة إلى بكفيا، إلى سهل البقاع، الموت منتشر في كل زاوية وكل شارع، وكل طريق تسلكه قوافل المدنيين الفلسطينيين في رحلة الموت في ذلك اليوم .....
📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة
من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق