الجمعة، 5 أبريل 2019

تل الزعتر... جرح يأبى النسيان بقلمي / تغريد الحاج الحلقة السادسة والستين

تل الزعتر...
جرح يأبى النسيان
بقلمي /  تغريد الحاج
الحلقة السادسة والستين
...
~~~~~~~~~~~~~~~
ليلة سقوط القمر، وصمت صوت الآذان لأول مرة
النجوم عابسة عيونها تدمع في ظل غياب القمر
والسماء تبكي لعينيك يا تل الزعتر والأرض توقفت عن الارتواء
ذبلت أوراق الورد حزنا والازاهير لملمت اوراقها
وعيون الاطفال شاردة خلف اللا محدود والقتل لم يتوقف
وانهار الدماء تجري في الطريق، وعيون كهل يبحث عن أولاده واحفاده، قتلوهم بأيدٍ غادرة، قتلوا الجد والابن والحفيد
 ولم يرف لهم جفن، فقد تحجرت قلوبهم وتجمدت عقولهم
 الا من ابتسامة شيطان يملأها الخبث والحقد والكراهية،
 هكذا بدأ السقوط وهكذا بدأ الحقد الدفين مكشراً عن أنيابه،
امتدت الأيادي للانتقام كما امتدت يد الكفر لجسد عيسى
تحاول تمزيق جسده فقط لأنه فلسطيني ....
~~~~~~~~~
في ليلة 11/8/76 كانت قوات الجبهة اللبنانية بقيادة حزب الكتائب تهيء نفسها لاستقبال أهالي مخيم تل الزعتر، بالأسلحة الرشاشة الفردية وبالسكاكين والسواطير والعصي، كان إعلامهم يعلن أن من يصل إلى المدرسة الفندقية في الدكوانة يكون بحماية الشيخ
بشير الجميل وحزب الكتائب، فلا خوف على من يصل إلى هناك، تطمينات كاذبة واعلام عنصري اكذب، كان الهدف منه دفع المدنيين  للنزول إلى الدكوانة التي لم يكن حالها بأحسن من حال منطقة المصلبية، تعمد حزب الكتائب نشر عملائه من منطقة الخربوبة وصولا إلى حي بيت الأشهب وصولا إلى ساحة الدكوانة التي كانت تطوف بها ناقلات الجند والدبابات، كانت دبابات ت54 وناقلات الجند التي استولى عليها حزب الكتائب من الثكنات العسكرية، عملاء كانوا من سكان المخيم، كان أي شاب او بالأحرى اي مقاتل يصل تلك المنطقة  يستقبله العملاء وينادونه بالاسم، وبصوت عالي، ومن لا يعرفونه يمر إلى ساحة الدكوانة، ومدرسة الفندقية التي ما زالت شاهدة على جريمة العصر امتلأت بالعائلات، لبنانيين وسوريين وفلسطينيين الذين توزعوا على غرف المدرسة، كذلك ساحة المدرسة امتلأت بالعائلات، أشرف بشير وأمين الجميل على نزول العائلات، المخيم أصبح خالٍ من المقاتلين والسكان هكذا قالت الكتائب، بدأ بعد ذلك فرز السكان على الهوية اولاً، ثم على الانتماء الفصائلي، السوريين في جهة، اللبنانيين في جهة أخرى، والفلسطينيين في جهة ثالثة، بعد ذلك بدأ حزب الكتائب يطلب كافة العناصر التي تنتمي إلى تنظيم الصاعقة، كثيرين من شباب المخيم عندما علموا أن ضباط سوريين وعميد مصري موجودين في مكتب الكتائب في الدكوانة وبوجود  الضابط الفلسطيني الذي كان يعرف على عناصر الصاعقة، كان القائد المغيب
ابو الفدا في تلك اللحظة في مكتب الكتائب لكن بعهدة الضباط السوريين، بينما كانت زوجته وأولاده محتجزين في بيت من آل شختورة وكذلك والد ابو الفدا وشقيقه محمود بينما كان معه ابن عمه زهير كروم وشاب من علما، كان ابو الفدا يدرك أنه لن يخرج سالما من الدكوانة، عندما وصل إلى الدكوانة  طلبه احد الضباط السوريين، وبادره بالسؤال، أين عناصر الصاعقة، واين سلاح الصاعقة، لا تنسى انك عضو قيادة لبنان في الصاعقة وفي الحزب، لم يجب ابو الفدا، لكنه بحضور الضابط المشار إليه لم يستطيع الدفاع عن نفسه، لان هذا الضابط السيء الذكر كان قد صاغ تقريره بما حصل وكيف أن ابو الفدا أعطى السلاح لحركة فتح تحديدا لأدهم، والجبهة الديمقراطية تحديدا لصالح زيدان، عند مقابلة ابو الفدا والضابط هذا لم يعد مجال الإنكار، كذلك كان السوريين قد سجلوا البرقية التي اذاعتها حركة فتح والتي ارسلها ابو الفدا تأييدا لمنظمة التحرير الفلسطينية، أدرك ابو الفدا ان  مصيره بيد الله سبحانه وتعالى وان السوريين لن يتركوه، بل سيدفع ثمن فعلته هذه، لكن لم يتوقع احد ان يدفع الثمن هو ووالده وشقيقه وزوجته وأولاده وابن عمه زهير كروم الذي لم يكن اساسا من كوادر الصاعقة، لكنه رفض أن يترك ابو الفدا لوحده ....
 تم الفرز على الهوية، معظم العائلات السورية تم نقلها إلى منطقة بكفيا، ومن هناك  تم نقلهم إلى منطقة شتورا، كثيرا من العائلات اللبنانية أيضا تم نقلها إلى منطقة المتحف بسيارات بيك اب تعود ملكيتها لعناصر من الجبهة اللبنانية، كان النقل يتم إلى قرب مستشفى سولاريوم، حي السريان ومن هناك تسير العائلات مسافة قصيرة حيث تصل الى المتحف، واول ما يقابلها عند المتحف، قوات الردع العربية الشاهد الزور على ما كان يجري، العائلات الفلسطينية، بقيت في مدرسة الفندقية تواجه مصيرها مع القتلة، ما كان يجري خارج المدرسة لم يكن من في المدرسة يعرف عنه شيء، لحظات لن يمر أصعب منها على شعبنا الفلسطيني منذ النكبة قتل وسحل شاركت به نساء وهنَّ يرتدين السواد حدادا على أولادهن الذين دفعت بهم الجبهة اللبنانية للقتال في تل الزعتر، كانوا يعتقدون أن معركة تل الزعتر نزهة  يومين او ثلاث وينتهي المخيم، المجموعة التي حاولت دخول المخيم  تم تصفيتها من مقاتلين كانوا ما يزالون في المخيم، مجموعة قيل إنها تقدر ب 20 عنصرا لم ينجوا منها إلا واحد وكان جريح  عاد إلى الدكوانة، هذا الخبر هزّ كيان مكتب الكتائب ومن كان معهم مما افقدهم صوابهم، دفعوا بتعزيزات أخرى للمخيم  في الوقت الذي كانت عمليات القتل والإعدام في ساحة الدكوانة، ومره أخرى خدع أبناء المخيم، حيث لا سيارات للصليب الأحمر وصلت لنقل المدنيين ...
 مصير مجهول ينتظر أهل المخيم، فقد تُركوا لوحدهم بين يدي القتلة، مقطوعين عن العالم من جديد، والثمن كان أغلى بكثير من بقاء الناس داخل المخيم ..

📌 على أمل اللقاء في حلقة قادمة 
                    من ( تل الزعتر جرحٌ يأبى النسيان  )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق