الجمعة، 10 يناير 2020

اهمس لها ... بقلم الأستاذ المتألق محمد أيوب

ثمة أحداث تأبى مغادرة الذاكرة  ، كنت بالعشرين ربيعاً من عمري ، في مخيم إسمهُ مخيم شاتيلا ، مخيم محاصر ، لاكهرباء ولاماء ولادواء، لك أن تتخيل اي حياة تلك أن يعيشها إنسان دون توفر تلك الضروريات !!!!!
أكثرنا سمع مقولة (  الحاجة أم الإختراع)
نعم هذه المقولة لم تأتي عن عبث أو من فراغ ، وإنسجاما مع تلك المقوله ،  كان لابد من الإعتماد على الذات بعد الإعتماد على الله ، من إحدى الأحداث التي لن أنساها وفي يوم ربيعي جميل ، وبعد أن تم الإتفاق على وقف مؤقت لإطلاق النار، سرعان مادب شي من حركة  الحياه في المخيم الصغير  ، لاسيما عند  الأطفال ؛ فلذات أكبادنا  ، قررنا أنا وزملائي رسم شيئا من معالم  الفرح  على تلك الشفاه العطشى للإبتسامات و للضحك ؛ ولشيء من الترفيه  بعد أن أرهقهم صوت الرصاص ودوي  القذائف التي كانت تنهال بشكل شبه يومي على المخيم ، ولأن الحاجة أم الإختراع كما اسلفنا ، شرعت بنصب أرجوحة في  أحد المنازل  التي كنت أعتقد إنه آمن ، أتيت بحبل متين مع مقعد خشبي وتيقنت من إحكام الربطات فيما بينهما وفعلا قد أنهيت هذه المبادره بنجاح ؛ وأخذ الأطفال يتدافعون في كل يوم لإمتطاء تلك الأرجوحة  مصحوبين بكل مشاعر
 الفرح والسرور ، يغنون وينشدون ويرقصون ،
فجأة سُمع دوي  إنفجار قوي ، ياالله ماذاحصل ؟ ، دخان أسود ينبعث من المبنى الذي نصبت به الأرجوحة ،  وصراخ أطوإرتباك ، لم أشعر بالخوف مثل ما شعرت به في ذاك الموقف الصعب ، كثيرة هي الإفتراضات التي تزاحمت حينها في مخيلتي  ، وهذا أنا أبتلع لعابي ، ودقات قلبي تتسارع بشكل غير مسبوق ، وقدماي بالكاد يحملانني ؛  ورفعت يداي لله ودعوته أن لا يكون قد حدث   شيء  مكروه ، بعد مناجاتي لله هرعت مسرعا متجها لمكان الأرجوحه، صاعدا درج المبنى  بخطوات متثاقله  ،  الحمدلله يارب إنطلق صوت من الدا أحد الرجال مبشرا لم يصاب أحد بأذى ؛
حين
 وصلت كانت  الأرجوحه ماتزال  تصعد للأعلى وتهبط  ، تصعد وتهبط بحركه مستمره  ، الجميع حاول إيقاف حركتها ، لكن الجميع أخفق ، وكأن لسان حالها يقول
إستمروا الأمل لن يتوقف ،
كبروا الأطفال وأصبحوا الآن  رجالا ونساء وتزوجوا  وإستمرت الحياه وربما لازالت الأرجوحة تصعد وتهبط ،
وكل ما سنحت الفرصة لإسترجاع الذكريات تكون الأرجوحة  هي عنوان الحديث .
# بقلمي محمد أيوب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق