الثلاثاء، 2 أكتوبر 2018

كنا نغتنم فرصة غياب اﻷستاذ المحاضر ونجلس تحت نفس الشجرة الوارفة التي اظلتنا اول مرة ، نتكلم فيها عن الشعر واﻷدب والموسيقى والطرب اﻷصيل ، وعن المطربين المميزين أمثال محمد عبد الوهاب وفريد اﻷطرش وعبد الحليم حافظ وفيروز وغيرهم من عمالقة الفن في ذلك الزمن الجميل . وكنا نغني معا بصوت خافت بعضا من اغنياتهم الجميلة ، واقرأ لها شذرات من كتاباتي الشعرية واﻻدبية .
فكانت تلومني على النزعة الكئيبة التي كانت تنطوي عليها ، فأبررها بالظروف القاسية التي مررت بها مذ نعومة أظفاري ، كوني اتحدر من عائلة متوسطة الحال . ولكن كثرة اﻷخوة واﻷخوات وثقل المصروف على والدي قد أثر على نمط حياتنا واصبحنا نعاني نوعا ما من الضيق اﻻقتصادي وشظف العيش .
ثم جاءت الحرب اﻷهلية اللبنانية عامي 1975 و 1976 فزادت من معاناتي وآﻻمي ، وما حصل معي ايام الدراسة الثانوية من غدر وقلة وفاء ممن يفترض بها صون الود والصداقة ، الى ما هنالك من امور جعلتني ادوس على سعادتي واطلبها من الذين كنت اسعى جاهدا ﻻبلسم جراحهم واقف الى جانبهم في اللحظات القاتمة . فكنت اسعد لسعادتهم وأحزن لحزنهم .
هنا قاطعتني بقولها : واين حق نفسك عليك ؟
فأجبتها : تكون نفسي سعيدة عندما تسعد اﻵخرين .
لم تقتنع بجوابي ولم نتفق على مفهوم السعادة ، هل تنبع من القلب أم نستمدها من سعادة اﻵخرين ؟
فكانت تؤيد الرأي اﻷول وانا اؤيد الرأي الثاني !
وهكذا صرنا نلتقي يوميا تحت ظﻻل تلك الشجرة ولم نجد انفسنا اﻻ ونحن غارقان في بحر الحب تتقاذفنا أمواجه العاتية !
فقد تسلل الحب الى قلبينا دون ان نشعر واصبح كل منا ﻻ يقوى على فراق اﻵخر !
كنا نودع بعضنا على وقع اغنية " بدي شوفك كل يوم يا حبيبي " ، ونلتقي في اليوم التالي على وقع اغنية " انا لحبيبي وحبيبي الي " .
باختصار لقد أمضينا أجمل ايام العمر يا صديقي ..

       مقطع من روايتي " ومرت اﻷيام "

بقلمي : محمد جمال الغلاييني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق