السبت، 16 نوفمبر 2019

مكارم اخلاق ... بقلم الأديب المتالق محمد جمال الغلاييني

دخلت امرأة عجوز الى المستشفى وهي في حالة حرجة ، وطلبت من الممرضة اﻹتصال بابنها المهاجر الى ما وراء البحار على الرقم المعلق في رقبتها ، ففعلت .
ونظرا لخطورة حالتها نقلت مباشرة الى غرفة العناية المركزة ، وفي الصباح الباكر حضر ابنها ، واحتضنا بعضهما بعضا ، ثم راحت تتلمس وجهه وجبينه وتداعب خصيلات شعره ، وتتمتم بكلمات ليست مفهومة تنم عن شوقها وحنينها لرؤيته بعد طول غياب . وما هي اﻻ سويعات قليلة حتى فاضت روحها ويدها في يده !
أحضرت الممرضة وثيقة الوفاة ليوقع عليها بصفته ابنها فقال لها : -
انا لست ابنها !
أجابت باستغراب : - ومن انت اذا وكيف حضرت ؟!
قال لها : - كان ابنها الوحيد صديقي في بلاد اﻹغتراب بداعي الدراسة ، ولما تخرجنا عمل هناك لفترة وجيزة كي يسدد أقساط تعليمه لدائنه ويؤمن مصروف والدته . وعندما انتهى من سداد الدين أراد أن يعود الى أمه بشكل مفاجيء ، فهرع الى السوق ليبتاع لها بعض الحاجيات . وخلال عبوره الشارع صدمته سيارة أودت بحياته !
لم أخبر أمه بهذا الحادث المفجع واستمريت نيابة عنه في ارسال المال اليها ، ووعدها بالعودة اليها فور استطاعتي أخذ اجازة من العمل ، وهي تلح علي بالعودة ﻷنها أصبحت مريضة وضعيفة البصر . .
وكيف أعود وأنا لست ابنها ؟!
ولما اتصلتم على هذا الرقم الذي أبقيته معي ، ادركت انها قد شارفت على النهاية ، وانني لو حضرت فلن تتعرف علي و ستعتقد بأنني ابنها ، وستموت قريرة العين بين أذرع وحيدها ..
خذوها الى المدفن ، فقد تلتقي فلذة كبدها هناك ويتعانق الروحان بعد طول اشتياق .

💖 مكارم اخلاق 💖

بقلمي محمد جمال الغلاييني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق