السبت، 16 نوفمبر 2019

كنوز الأدب ... منقول مع بعض التعديلات من قبل الأديب المتالق محمد جمال الغلاييني

(#كعب_بن_زهير_وقصيدة_البُردة ))

ذاعَ في الآفاقِ أمرُ النَّبي صلى الله عليه وسلم وأصبحَ النَّاس يتحدثُون بالإسلامِ ؛ الدِّين الجديد .
وكان الشَّاعر المُخضرم(كعب بن زهير) آنذاكَ في اكتمالِ شبابهِ، فأرسلَ أخاهُ (بجيرا) إلى المدينةِ يستطلعُ خبرَ النّبي صلى الله عليه وسلم .
ولما التقى بجيرا برسُول الله آمنَ بهِ وبقي في المدينةِ ولم يعدُّ . فغضبَ كعبُ لذلك ونظم شعراً أساءَ فيهِ للنبي ووبخَ أخاهُ فيه .
فلمّا بلغَ النَّبي صلى الله عليه وسلم ما احتملتهُ الأبيات من هجاءٍ وإساءةٍ فظيعة ، أهدرَ دمهُ، لمّا يُشكل من خطرٍ كبيرٍ على انتشارِ دعوةِ الله ، وذلك لامتلاكهُ سلاحاً فتاكاً هو الشِّعر الذي كانتْ لهُ السُّلطة المُؤثرة في حياةِ العربِ.
أخبرهُ أخوهُ( بجيرا) بالأمر ، ونصحهُ أن يأتي إلى رسولِ الله معتذراً ، فهو يقبلُ العُذرَ ومن شيمهِ العفو .
 حاولَ كعبٌ أن يحتمي بقبيلتِهِ، فرفضتْ ذلك وتبرأتْ منهُ.
 فحملَ نفسهُ وجاءَ الى المدينة ودخلَ مسجدَ رسولِ الله ووضعَ كفَّهُ في كفِّهِ والنَّبي صلى الله عليه وسلم لا يعرفهُ وقال :
 إنَّ كعبَ بن زهير أتاكَ تائباً مُسلماً فهلْ أنتَ قابل منهُ؟
 أجابهُ : نعم.
قالَ : فأنا كعبٌ. فوثبَ رجلٌ من الأنصارِ قائلاً : دعني يا نبي الله أضربُ عنقَه ، فكفّهُ النّبي صلى الله عليه وسلم عنهُ .
فقامَ (كعب بن زهير) رضي الله عنهُ وأنشدَ قصيدتَهُ بينَ يديّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، اعتذرَ فيها لهُ عما بدرَ منهُ، وطلبَ فيها العفو عنهُ، وختمَها بمدحهِ صلى الله عليه وسلم وبمدحِ المهاجرين رضي الله عنهم .

(#البُردة)
سميّتُ هذهِ القصيدةِ بالبُردة، وبها اشتهرتْ عبرَ التّاريخ .
 وسببُ تسميتِها بذلك هو أنّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم لما سمعَ هذهِ القصيدة من (كعب بن زهير) رضي الله عنه، وخاصةً عندما تلا عليه هذا البيت النُّوراني:

إنَّ الرَّسُولَ لنُورٌ يُستضاءُ بهِ
                           مهنّدٌ من سُيُوفِ اللهِ مَسلُولُ

قامَ صلى الله عليه وسلم ورمى عليه بردتَهُ الشَّريفة وقال له : ويحك يا كعب لقد سحرتني ، ان من الشعر لحكمة وان من البيان لسحرا .
وقد ظلَّ رضي الله عنه مُحتفظاً بها طوالَ حياتِه . 

بهذا الوسام النَّبوي نالتْ هذه القصيدة الشّرف والسّمو والرّفعة، وسميتُ بالبُردة، وظلّت حيّة إلى يومنا هذا ،
فكانت عبر هذه القرون مصدر إلهام للشُّعراء في مدحِهم لرسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وهي تُسمى أيضاً ب”الكعبية اللامية”، وب”بانتْ سعاد”.  حيثُ ابتدأَ الشَّاعر قصيدته بالنّسيب و الغزل الصَّناعي على عادة العرب بهذا البيت:
بانتْ سعادُ فقلبي اليومَ مَتبُولُ
                            متيمٌ إثرها لم يفدَ مكبُولُ
أي :
 لقد فارقتني محبوبتي (#سعاد) وقلبي أصبح سقيماً مستعبداً وراء إثرها لم يستطع التّحرر من أغلال الحبّ الذي له سلطان عليّ و غلب .

ثمَّ ينتقلُ إلى الوشاة الذين أثاروا الوقيعةَ وتَخلُوا عنهُ بعدَ إهدارِ الرَّسول -صلى الله عليه وسلم- دمهُ فقالَ مؤمناً بقضاءِ الله وقدرهِ وأنّ الموتَ أمرٌ مكتوبٌ لا مفرّ منه فقال :

يسعى الوشاةُ بجنبيها وقولهم
                          إنّكَ يابن أبي سلمى لمقتولُ
وقالَ كلُّ خليلٍ كنتُ آملهُ
                           لا ألفينّك إنّي عنك مشغولُ
فقلتُ خلُّوا سبيلي لا أبالكم
                          فكلّ ما قدّرَ الرّحمن مفعولُ
كلُّ ابن أنثى وإن طالتْ سلامتهُ
                        يوماً على آلةٍ حدباء محمولُ 

ثمّ ذهبَ للغرضِ الرئيس وهو طلبُ العفو والاعتذار  و مدح الرّسول -صلى الله عليه وسلم-  ذلك الاعتذار  الذي قلّ في الجاهلية بسببِ اعتزازِ العربيّ بنفسهِ و لا نعرفُ من خاض
في هذا الغرض سوى النابغة في اعتذارهِ للنُعمان بن المنذر .

نبئت ان رسول الله اوعدني
  والعفو عند رسول الله مأمول
إنِّ الرَّسُولَ لنُورٌ يُستضاءُ به
      مهندٌ من سُيُوفِ اللهِ مَسلُولُ

منقول مع بعض التعديلات  من قبلي / محمد جمال الغلاييني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق