لا ابالغ لو قلت ان امي رحمها الله واكرم مثواها كانت جبلا راسخا لا تهزه عاصفة ولا توءثر فيه زلازل وبالطبع لم اكن ادرك ذلك الا بعد ان اصبحت شابا ولاني لم اخرج معهم من البلاد وكانت اول رحلة لهم وفي شهر رمضان حيث حضنت ابنائها الاربع تحمل هذا وتترك ذاك الى ان وصلوا الحدود اللبنانية وهذا الحدث يكفيها فخرا ورفعة وسموا ورغم حالة الفقر الشديد بعد الهجرة كانت لا تعدم وسيلة في الذهاب الى الحقول المجاورة للمخيم لتجلب الخبيزة والعلت وكل الاعشاب التي تصلح للطبخ ثم تعود الى بيتها فتطبخ وتغسل وتعجن وما ان يحل المساء حتى يكون قد انهكها التعب وفوق ذلك كانت لا تقصر في حق ضيوفها حتى لو كانت تزحف زحفا، هذا غيض من فيض وهذه كانت البداية فقط واعتقد جازما ان كل جيلها كان مثلها في السعي لاسعاد عائلتها.
لذلك اقول ولا اقبل ما استحدثوه من ايام لانها تمثل العمر كله من بدايته حتى نهايته فلا يوجد يوم نحبها فيه واخر لغيرها بل هي الحياة بكل معانيها بسعادتها وتفانيها وبتعبها وشقائها من اجل تربية ابنائها ويكفيها فخرا انها لم تكن تقبل منا اي شئ ناتي به من خارج البيت وتمنعنا من ذلك لخوفها ان يدخل بيتها شيء من الحرام، هكذا ربت تسعة من الشباب كانوا جميعا مثالا لوالدتهم في كل شيء .
نعم هي الايام كلها رحمها الله ورحم اموات المسلمين.
بقلم : محمد حمدا
ن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق