الأربعاء، 30 مايو 2018

وفاء .... بقلم الشاعر المتألق محمد جمال الغلاييني

خاتمة تلك القصة اتركها لتقديركم : - طلب مدير شؤون الموظفين اجراء مقابلة مع فتاة تقدمت بطلب توظيف في المؤسسة . حضرت في الوقت المحدد وبيدها الطلب . سلمته اياه وراح يقرؤه بصمت ، ثم وافق فورا على توظيفها دون سؤالها اي سؤال ! استغربت تصرفه ، ولكنها كانت تريد العمل باي ثمن ، فوالدها قد تعرض لحادث سير اقعده الفراش طويلا ففصلوه من عمله و امست هي المعيل الوحيد الآن للعائلة . هرعت مسرعة مسرورة لتخبر امها بهذا النبأ السعيد . احتضنتها وقالت لها : لقد وافق فورا سعادة المدير على توظيفي بمجرد ان اطلع على وثيقة هويتي وقرأ البيانات المتعلقة بي في الطلب . يا له من رجل طيب . اول مرة اجد مديرا ترتسم على محياه امارات الطيبة ودماثة الاخلاق . طبعت على جبينها قبلة ودعت لها بالتوفيق بحرارة ثم سجدت شكرا لله . اسرعت نحو زوجها الملقى على سرير غرفته واخبرته بذلك فتهلل وجهه بالبشر والسرور . بدات العمل بجد ونشاط ، وكان كلما يمر المدير من امام مكتبها يجدها مسرورة تقوم بواجبها على اكمل وجه ، فيثني عليها ثم يغادر فورا . مرت شهور الاختبار الثلاثة بنجاح وحان موعد تثبيتها وتحديد راتب لها يليق بانجازاتها . وكان لها ما ارادت وزيادة . " يا له من رجل نبيل منحني اكثر مما طلبت . معها حق والدتي حين كانت تقول لي : الدنيا لم تخل من اصحاب المرؤة والشهامة يا ابنتي " . هكذا حدثت نفسها وهي تستلم مرتبها الجديد في الشهر الرابع . اتصلت بوالدتها من شدة فرحتها واخبرتها بذلك قبل ان تصل الى المنزل ، فحمدت الله واثنت عليه ودعت لهذا المدير بالخير . وقبل ان تقفل الخط سالتها : لم تطلعيني ولا مرة عن اسمه ، ما اسمه ؟ ذكرت لها الاسم فتلعثمت وسكتت برهة ثم اقفلت الهاتف ، وانهارت على الارض ! لقد كان زميلها في الجامعة ، وكان ان جمعتهما علاقة حب وطيدة وعاهدا بعضهما على الزواج فور التخرج ، الا ان الفتاة في عمر العشرين غير الشاب في ذلك العمر ! فتقدم لخطبتها شاب يكبرها بعشر سنوات قدم له اهله منزلا ويعمل موظفا في مؤسسة . وقديما كان للاهل الكلمة الفصل في امر الزواج . فلم تستطع رفضه سيما وان اهلها قد رأوا فيه الرجل المناسب لإبنتهم من حيث المقدرة المالية دون اعتبار لاي من النواحي العاطفية ! اخبرته بذلك فحزن حزنا شديدا وطلب منها الرفض ، فقالت له : في عرف مجتمعنا عندما ترفض الفتاة عريسا مناسبا لها فانها تكون مغرمة بغيره ، فليتفضل اذا وليطلب يدها ! ولكنه ما كان قادرا على الاقدام على تلك الخطوة وهي تعلم ذلك تمام العلم . لذلك رضخا للامر الواقع وابتعد كل منهما عن الآخر وفي قلبه غصة مريرة . راحت تحدث نفسها : " طالما انه علم انها ابنتي فلماذا قبل بتوظيفها ؟ حانت له فرصة الانتقام ممن اخذ منه حبيبته فلم لم يستغلها ويرفض توظيف ابنته ؟ كان بوسعه رفض طلبها فورا بمجرد قراءة اسم والدتها ؟ هل دماثة اخلاقه المعهودة دفعته الى ذلك ام انه يخفي نية ثأر لاحقا ؟ هل .. هل .. ؟ " وهنا حضرت الفتاة فوجدت امها مرهقة جالسة على المقعد تتمتم بكلمات ليست مفهومة . استوضحتها فقالت لها : لا شيء يا ابنتي كنت احدث نفسي في امور خاصة ، لا تقلقي . سلمتها الراتب بفرح وسرور ، وبعد قليل توجه الجميع مسرعين الى السوق لابتياع ما يحتاجونه وسط سعادة الفتاة واخيها وذهول الام ! بعد مضي فترة وجيزة توفي والد الفتاة ، وحضر المدير الى منزلها لتقديم واجب العزاء ، ووقعت عيناه على عيني الوالدة المغرورقة بالدموع - حبيبته السابقة - فأجزل لها عبارات العزاء ودعا لزوجها بالمغفرة والرحمة ثم غادر مسرعا ! هرعت خلفه الفتاة لتقنعه بالجلوس قليلا وعمل واجب الضيافة على الاقل فاعتذر بلباقة . عادت لتجد امها مستغرقة في صمت طويل . شعرت الفتاة بان امرا ما يلوح في الافق بمجرد ان علمت الام باسمه وتأكد لها ذلك بمجرد التقائهما . ما الذي يحصل يا امي ؟ قالت لها باستغراب . اخبرتها والدتها بكل شيء ! تفاجأت الفتاة بما سمعت ، واكبرت فيه تلك الروح النبيلة العالية . ولكنه كما علمت ليس متزوجا . هل كانت امي هي السبب في عدم زواجه ؟ قالت في سرها . هل ما زالت تحبه بالرغم من زواجها بأبي ومرور كل تلك العقود ؟ هل حان وقت تحقيق حلمها الاقتران ممن احبت قديما بعد وفاة ابي ؟ هل سيوافق اخي المتعلق بها اشد التعلق ؟ محمد جمال الغلاييني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق