الأربعاء، 18 يوليو 2018
ان بعض الظن اثم .. بقلم الشاعر المتألق محمد جمال الغلاييني
شعرت بحاجة ماسة الى هدوء الاعصاب وراحة النفس ، فقصدت شاطيء البحر عصر ذلك اليوم وحيدا ، وجلست على الصخور القريبة من الماء منصتا بشغف الى هدير الامواج المتكسرة .
تفرست في المياه المتلاطمة قليلا ، ثم جلت بصري في الناس ، فرايت غطاسا شابا يضع الاقفاص في قعر البحر ثم يرفعها بعد قليل برزق وفير من السمك يفرغهم في سلة كبيرة ، ويعيد الكرة كل نصف ساعة تقريبا .
بالقرب منه كان يقف صياد طاعن في السن يحمل سنارة ويلقي بها في الماء ولا يرزق باي سمكة الا بعد وقت طويل ، فيتمتم بكلمات قاسية متذمرا شاكيا من الغطاس الذي يتفرد بأخذ السمك دونه .
رحت اجول ببصري يمنة ويسرة وانظر الى كل منهما باستغراب : ابتسامة الغطاس يقابلها عبوس الصياد !
دنيا تجمع في وقت واحد حزن وسعادة !
ما اقسى هذا الشاب الذي يقهر ذلك الصياد الطاعن في السن !
ماذا عليه لو اعطاه جزءا مما رزقه الله ؟
يا لقسوة بني البشر !
وما ان هممت بالعودة حتى نظرت الى الصياد نظرة اخيرة ، فوجدته يبتسم وهو ينظر الى الغطاس باستغراب شديد !
لقد تقدم الغطاس منه حاملا سلته الممتلئة بالسمك وافرغ نصفها في سلة ذلك الصياد ، وغادر مسرعا دون ان يسمع منه كلمة الشكر او النظر الى عينيه كي لا يرى اثر الذل في عينيه !
كم تسرعنا في الحكم على الناس ونواياهم قبل ان تظهر لنا حقيقتهم ؟!
كم حكمنا على اناس قبل ان نرى مواقفهم واضحة جلية ؟!
( ان بعض الظن اثم * ) .
محمد جمال الغلاييني
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق