الخميس، 1 أكتوبر 2020

اهمس لها ... بقلم الأستاذة المتألقة ام تماني ايمن

 اهمس لها ... رسالة حرّاڨ...

 الكل يتهامس، و يتساءل، يد من هذه؟ و بقايا جثة من؟.....انا سأخبركم 

إنها يدي؛ و قد بقيت رافعا إياها طالبا النجاة و آملا الحياة إلى آخر لحظة من عمري.... 

أنا ذاك الشاب البسيط الذي كان كله أمل في مستقبل زاهر، كنت أُلامس النجوم بأحلامي و أعانق السحاب بطموحاتي، و لكن سرعان ما أدركت انها بالون هواء رفع بي عاليا، و سرعان ما أصابته سهام الخيبة و الخذلان، لأهويَ إلا أرض الواقع و تتكسر كل آمالي، و أُغلقت الأبواب في وجهي؛ فقررت "الحرڨة"، ظنا مني أني سأحرق الفقر و البؤس، و أقتل الجوع و المعاناة، وبعد أن أقنعت أمي ببيع كل ذُهيباتها، وَاعدا إياها اني سأعوضها أضعافها؛ ركبت السريع و كلِّي أمل في أنه سيوصلني إلى جنة الأحلام و مدينة المعجزات، و كان فعلاً سريعا، ولكن ليس في إيصالي إلى بر الأمان، وإنما في إنهاء حياتي،..... 

إنَّ من سماها "الحرڨة" لم يخطئ أبدا في تسميتها، فهي قد احرقتني بالرغم من اني كنت في عرض البحر، أحرقت قلبَيْ أمي و أبي بالحزن والحسرة، أحرقت مقلتيهما من كثرة الدمع، و أحرقت حتى مدَّخراتهما للأيام الصعبة. 

وداعا يا أماه سامحيني، كنتي جنتي وسط الجحيم، ولا تنسيني بدعائك فأنا لا أريد أن أُحرق أيضا يوم الحساب، فكل ذنبي اني حلمت بحياة هنيئةٍ، فلا حياةً هنيئةً عشتُ، ولا ميتة كريمة متُّ.

.... بقلمي أم تماني....


 الحرڨة:هي تسمية تطلق في المجتمع الجزائري على الهجرة غير الشرعية عبر البحر.

والسريع: هو المركب الذي يستخدم لذلك.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق