الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

محطات ... بقلمي تغريد الحاج الحلقة الثانية

 محطات 

بقلمي

تغريد الحاج

الحلقة الثانية  


~~~~~~~

المرء يقاس بإنسانيته ومواقفه المؤثرة التي تصدر عنه عند الشدائد ... لن اتحدث عن ابا مريم، الرجل الشهم الكريم، الشريف، ولا اتحدث عنه كزوج محب، مخلص، وفيّ، غيور

ولا اتحدث عنه كأب عفيف النفس سخي اليد، كريم الأخلاق والنفس، المخبُ لعائلته، سأتحدث عنه فقط كإنسان مارس انسانيته في احلك الظروف واخطرها، سأتحدث عن مواقفه التي زينتّ سجله الإنساني في التضحية لاتقاذ حياة الآخرين

سأتحدث في سطور عن رجلٍ رحلََ عن هذه الدنيا تاركاً خلفه ارثاً اخلاقياً قلَّ وجوده في هذه الأيام ...

انه محمد دباجه، الانسان الذي لا يُنسي ولا يغيب عنا ذكراه

~~~~~~~~~~~~

كيف ننسى او ينسى الاهل ومسؤوليه في الدفاع المدني

الايام التي كان ابا مريم رحمه الله، يعيش ساعات من الخوف

والقلق الممزوجة بالأنسانية والتضحية والشجاعة والخوف

ليس على نفسه او حياته، فمن يقدم على إنقاذ الاخرين عند الشدائد لا يخاف الموت، بل خوفه نابعاً من انساتيته وحرصه على حياة الاخرين الذين كانوا يتعرضون لمواقف صعبه ...


حدثني في يومٍ من الايام، عن موقف تعرض له إثناء عمله موقف يحتاح الى قلب جريء ومبادرة دون انتظار تعليمات

او أوامر عليا، حدثني عن طفلٍ صغير يصرخ من الالم عندما اغلقَ باب المصعد على اصابع يده الصغيرة والألم والخوف مسيطر على الطفل، قال لي : لم اعرف كيف وصلت إلى باب المصعد، كأن شيئآ حملني بسرعة البرق حين ابلغنا عن الحادث، فأنا لست سوبر مان ولست البطل الخارق ولكن الله سبحانه وتعالى ألهمني البديهة تحركت بسرعة البرق وحاولت فتح باب المصعد مرة واثنتان واخيراً تمكنت فإذ بالطفل مغمى عليه وهو غارقٌ بالدم، اصابع يده مقطوعة، منظرٌ بشع لضحيةٍ بريئة ذنبه انه لم ينتبه حين اغلِق الباب ومد يده، واكمل حديثه بالقول حملت الطفل واخدت اركل باب الشقة المواجهة للمصعد وفتح صاحب البيت وطلبت منه إحضار تلج بسرعة وفعلا احضر لي فورا ووضعت أصابع الطفل ويديه في طبق الثلج ثم اخذت الطفل ونقلته بسرعة إلى المستشفى ووصلت إلى قسم الطوارئ واذا بالطبيب يأمر بإدخال الطفل فوراً إلى غرفة العمليات وانا اجلس في ردهة المستشفى انتظر الطفل، شعرت انه ابني وربما لا ابالغ ان قلتُ كم كنتُ قلقاً عليه، وكيف مرت الوقت ثقيلا وانا انتظر،

نسيت نفسي، ونسيت اني بلا غداء َونسيت ان اتناول شربة ماء رغم حرارة الشمس في ذلك اليوم، وبعد انتظار خرج الطبيب وهو يبتسم، ويخبرني انه إجرى له عملية جراحية أعاد له اصابعه الثلاثة وان الاصبع الرابع لم يتمكن الطبيب من اعادته ثم سألني الطبيب هل انتَ والده؟

 ابتسمت وقد غابت عن ذهني صورة ان يعيش الطفل بلا أصابع يده، وقلت له اني موظف في الدفاع المدني، ولا اعرف من الطفل ولا أهله، صافحني الطبيي وشكرني عندما رويت له تفاصيل الحادث قال لي :

 ليس الواجب الوظيفي الذي دفعك لذلك فقط لكنها الإنسانية تلك الغريزة التي تتحكم بنا بتفكيرنا واحاسيسنا عندما نرى الاخرين يتعرضون لمواقف قد يدفعون حياتهم ثمناً لها.

هذه حالة من آلاف الحالات التي صادفها في حياته وكان سبباً لانقاذ حياة انسان، كيف يُنسى رجل بهذه الاخلاق وهذه الإنسانيه ... 

رحمك الله ابا مريم، نم قرير العين فإنك بالقلب متوسدا ...

يتبع ....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق